عندما تصدح أصوات المؤذنين في أرجاء المسجد النبوي الشريف، ينبعث منها نور الروحانية والسكينة، فتسكن القلوب وتخضع الأرواح لجلال النداء. وبين هؤلاء المؤذنين الذين اصطفاهم الله لخدمة هذا المكان المبارك، يبرز اسم المؤذن عمر بن نبيل سنبل، ابن المدينة المنورة، الذي يُعرف بتواضعه وخلقه الرفيع، ويأخذ من نداء الصلاة رسالة حياة تنشر السلام والطمأنينة في قلوب المصلين والزائرين. عمر سنبل ليس مجرد مؤذن؛ بل هو صوت يتجلى فيه صدق الإيمان وصدق النيّة، وهو الذي يرى نفسه خادماً في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يؤمن بأن شرف المكان يمنحه وقاراً وحياءً مؤمنا برسالته .
تعود أصول المؤذن عمر بن نبيل سنبل
إلى أسرة عريقة تمتد نسبها إلى القاضي خلف بن علي بن سنبل، وصولاً إلى الصحابي الجليل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه. هذا النسب الشريف يضفي على عائلة سنبل هيبة ومكانة خاصة ، وتاريخاً من العلم والفقه، يترسخ في نفوس أبنائها شعور بالخدمة والتواضع، ما يجعلهم نموذجاً للوقار والإخلاص.
نشأ عمر سنبل في المدينة المنورة، وتلقى تعليمه في رحابها، حيث حصل على درجة البكالوريوس من كلية الشريعة في الجامعة الإسلامية، بالإضافة إلى شهادة جامعية متوسطة في تخصص المحاسبة. لكن رغم رغم ذلكً، اختار طريقاً أسمى؛ طريق النداء إلى الصلاة في المسجد النبوي، حيث يختلط صوت الحق بخشوع المكان وروحانيته.
في حديث هاتفي معه، كان حديثه يفيض بالتواضع والاحترام، وأبهرني بعبارته التي يرددها دائماً: “ما أنا إلا خادم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.” لا يريد الظهور لوسائل الاعلام ، هذه الكلمات ليست مجرد جملة يقولها؛ بل تعبر عن فلسفة حياة يلتزم بها، وعن شعور عميق بالمسؤولية تجاه هذه الأمانة العظيمة التي يحملها. فهو يدرك تماماً قيمة هذا الدور، ويعي جيداً عظمة المكان الذي يخدم فيه، مما يجعله ينكر ذاته ويقدّم في كل نداء للصلاة دعوة والتقرب إلى الله.
إن صوت المؤذن عمر سنبل ليس فقط نداءً للصلوات، بل هو دعوة للسكينة والطمأنينة. عندما تصدح تكبيراته في أرجاء المسجد النبوي، يشعر كل من يسمعها بالروحانية التي تملأ المكان، كأنها نابعة من أعماق قلب متواضع ومحب، يسعى إلى إسعاد كل من تطأ قدمه ساحات هذا المكان الطاهر. عبر من خلال الحديث معه عن شكره وامتنانه للناس على محبتهم هذا الشعور يجعله مخلصا في أداء عمله، ويحول حياته إلى سعادة ورضا ينعكس في صوته الهادئ والمطمئن.
نحن نسعد كلما عانقت اعيوننا الرحاب الطاهرة .
نعم، هذا من فضل الله وكرمه، وما تبذله المملكة العربية السعودية من جهود جبّارة في خدمة الحجاج والمعتمرين والزوار يعكس روح الكرم والضيافة التي يتمتع بها قادة المملكة ومسؤولوها وشعبها. فالبث المباشر الذي يُمكّننا من متابعة الأماكن المقدسة، يعطينا شعورًا بالاتصال الروحي مع تلك البقاع الطاهرة وكأننا نعيش في رحابها، نتنفس من هوائها الطاهر ونشعر بالسعادة التي تملأ القلوب، فهذه النعمة لا تقدر بثمن
بسّام بني أحمد
كاتب صحفي ، اردني ، تونس