كتب : بسّام عودة – شؤون عربية
تأتي زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى السعودية في مستهل جولته في المنطقة في توقيت بالغ الاهمية ، إذ تتزامن مع تصعيد المواجهة بين إسرائيل وحزب الله في لبنان وقطاع غزة، إضافة إلى الهجمات الصاروخية الإيرانية التي استهدفت إسرائيل.
السياق الإقليمي والتهديدات المتبادلة:
التصعيد الإيراني-الإسرائيلي: تشهد العلاقات بين إيران وإسرائيل توترات متزايدة نتيجة هجمات صاروخية متبادلة. إسرائيل أكدت أنها سترد بقوة على أي استهداف إيراني، مشيرة إلى إمكانية ضرب مواقع حيوية في إيران، بما في ذلك البنية التحتية النووية. في المقابل، حذرت إيران إسرائيل من “اختبار إرادتها”، متوعدة برد قوي في حال تعرضت لهجوم، مما يزيد من احتمالية التصعيد العسكري.
الجولة الإيرانية: تأتي جولة عراقجي في هذا السياق، مع محاولة إيران تعزيز موقفها الإقليمي وكسب تأييد دول الجوار الخليجي في ظل التوتر مع إسرائيل. الهدف المعلن هو مناقشة القضايا الإقليمية، وخاصة الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على غزة وحزب الله، والضغط من أجل وقف ما وصفته إيران بـ “الجرائم” الإسرائيلية.
إيران وسعيها لتعزيز موقفها الإقليمي:
• دعم حلفاء إيران في المنطقة: تأتي الجولة في ظل تصاعد الهجمات الإسرائيلية على حلفاء إيران في غزة ولبنان. إيران تسعى إلى حشد الدعم الإقليمي، وتوجيه رسالة بأن طهران ستقف إلى جانب حلفائها وتواصل دعم المقاومة ضد إسرائيل. تعزيز العلاقات مع دول الخليج قد يوفر غطاءً سياسياً لها في مواجهة أي تصعيد إسرائيلي محتمل.
الدور السعودي في التحولات الإقليمية:
زيارة عراقجي إلى السعودية لها أهمية خاصة، حيث تعتبر السعودية قوة إقليمية ذات تأثير كبير في السياسة الإقليمية والعلاقات الدولية في المنطقة. طهران قد تسعى إلى تهدئة العلاقات مع الرياض وطمأنتها بأنها لا تسعى إلى تصعيد المواجهة مع إسرائيل في المنطقة، خاصة مع موقف السعودية المتوازن الذي يميل إلى الحياد في صراع إسرائيل-إيران.
الخليج ومحاولة التوازن بين الأطراف:
تحييد دول الخليج: وفقًا للتقارير، تسعى دول الخليج، وخاصة السعودية، إلى الحفاظ على موقف متوازن بين كل الأطراف ، رغم توتر علاقاتها مع طهران على خلفية ملفات عديدة، من بينها الصراع في اليمن وتدخلات إيران الإقليمية. رغبة دول الخليج في “الحياد” قد تكون مدفوعة بالحفاظ على استقرار المنطقة وتجنب التصعيد، خاصة أن أي تصعيد واسع بين إيران وإسرائيل قد يجر المنطقة إلى صراع أوسع.
الدور الأميركي: الموقف الأميركي لا يزال داعمًا لإسرائيل بشكل قوي، وهو ما أكده مسؤولون أميركيون بتوجيه تحذيرات لإيران من أي تصعيد. الولايات المتحدة لديها مصالح استراتيجية في المنطقة، ومن غير المرجح أن تسمح لإيران بالتوسع دون مواجهة عواقب. الإدارة الأميركية تدرك أن أي ضربة إسرائيلية واسعة لإيران قد تجر المنطقة إلى حرب شاملة، وهو ما تحاول واشنطن تجنبه.
إيران وإدارة الأزمة:
إيران والمواجهة المفتوحة: إيران تسعى إلى إبقاء النزاع مع إسرائيل في حدود معينة دون الانجرار إلى حرب مفتوحة. تصريحات عراقجي جاءت لتؤكد أن طهران مستعدة للرد، لكنها أيضًا تسعى إلى إرسال رسائل طمأنة لدول المنطقة بأنها تراقب الوضع ولن تكون المبادرة في التصعيد. هذه الاستراتيجية تهدف إلى تهدئة الأوضاع وعدم جرّ المنطقة إلى نزاع أوسع، مع إبقاء قدرتها على الردع قوية.
،
جولة وزير الخارجية الإيراني في المنطقة تهدف إلى حشد الدعم وطمأنة الدول الخليجية، في وقت تتصاعد فيه التوترات مع إسرائيل. دول الخليج، رغم خلافاتها مع إيران، تسعى إلى الحفاظ على استقرار المنطقة عبر الحفاظ على موقف محايد.
التصعيد الإيراني الإسرائيلي ما زال يراوح مكانه بين التهديدات المتبادلة، فيما يبدو أن الطرفين يسعيان إلى تجنب حرب شاملة
إيران تدرك جيدًا أن إضعاف دور حزب الله العسكري والسياسي سيترك فراغًا كبيرًا في الساحة اللبنانية، وهو ما قد يعزز دور السعودية بشكل كبير في إعادة بناء الثقة والاستقرار في لبنان. كما أن المملكة لعبت دورًا تاريخيًا في اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية وأسّس لمرحلة جديدة من التعايش السلمي بين مختلف الطوائف اللبنانية. وبالتالي، إذا تراجع نفوذ حزب الله، قد تكون السعودية الشريك الرئيسي في إعادة صياغة النظام السياسي اللبناني وترتيب أوضاعه بما يعيد التوازن ويخفف من حدة الصراع الإقليمي الذي يعصف بالبلاد.
السعودية ستعمل لإعادة بناء علاقاتها مع لبنان، خاصة في ظل المبادرات السابقة التي قادتها المملكة لدعم الاقتصاد اللبناني وتوفير المساعدة السياسية.• يبقى السؤال الأهم هو قدرة إيران على تحقيق مكاسب دبلوماسية من هذه الجولة، وما إذا كانت دول الخليج ستواصل موقفها المتوازن في ظل الضغوط الدولية