
بسّام عوده. _ شؤون عربية
يُشكل انعقاد “يوم الشراكة السعودي-التونسي” في العاصمة التونسية محطة جديدة ومهمة في مسار العلاقات الاقتصادية بين الرياض وتونس. إذ تأتي هذه التظاهرة، التي نظمتها هيئة تنمية الصادرات السعودية بالشراكة مع غرفة التجارة والصناعة لتونس، لتترجم توجهًا مشتركًا نحو الارتقاء بمستوى التبادل التجاري وبناء شراكات استثمارية أكثر ديناميكية وفاعلية.
ما يميز هذا الحدث ليس فقط حجم المشاركة، بل نوعيتها؛ إذ شاركت نحو 30 شركة سعودية تنشط في قطاعات اقتصادية متنوعة، وعقدت لقاءات مباشرة مع نظرائها من الشركات التونسية، في محاولة جادة للبحث عن فرص تعاون ملموسة تتجاوز العلاقات التجارية التقليدية نحو مشاريع استثمارية استراتيجية.
الحضور الرسمي اللافت، ممثلًا بسفير المملكة العربية السعودية لدى تونس، الدكتور عبد العزيز بن علي الصقر، أضفى على اللقاء بعدًا دبلوماسيًا-اقتصاديًا مهمًا، خاصة مع تأكيده على أهمية اغتنام الحوافز الاستثمارية الكبرى التي تتيحها رؤية المملكة 2030، ودعوته للشركات التونسية إلى استكشاف السوق السعودية بوصفها بيئة جاذبة ومفتوحة على الفرص.

من التبادل إلى التكامل
تونس، بما تملكه من موقع جغرافي استراتيجي وقاعدة صناعية ناشئة، قادرة على لعب دور حلقة وصل للشركات السعودية نحو الأسواق الأوروبية والأفريقية. وفي المقابل، تتيح المملكة بفضل بنيتها التحتية القوية ورؤيتها الطموحة فرصًا واسعة أمام الاستثمارات التونسية الباحثة عن التوسع والتمويل.
لكن رغم الفرص المتاحة، تبقى أرقام التبادل التجاري بين البلدين دون الطموحات، وهو ما يعكس وجود فجوات على مستوى المعلومات والتنسيق اللوجستي والمالي، فضلاً عن غياب آليات مؤسسية تضمن استمرارية الشراكات.
لذلك، فإن هذه المبادرات ليست مجرد مناسبات علاقات عامة، بل ينبغي أن تتطور إلى منصات دورية لتبادل الخبرات وتنسيق السياسات، وربط المستثمرين بالفرص الحقيقية في الميدان، سواء عبر تفعيل دور الملحقيات التجارية، أو إطلاق صناديق تمويل مشترك، أو تأسيس مجالس أعمال ثنائية أكثر فاعلي
إن “يوم الشراكة السعودي-التونسي” يعكس إرادة سياسية واقتصادية مشتركة للانتقال من مرحلة العلاقات الودية إلى مرحلة الشراكات الاقتصادية المنتجة. لكنه، في الآن نفسه، اختبار لقدرة الجانبين على تحويل هذا الزخم إلى نتائج ملموسة على الأرض، سواء في شكل استثمارات فعلية، أو زيادة في التبادل التجاري، أو تكامل في سلاسل الإنتاج.
الفرصة سانحة، والظروف مهيأة، وما ينقص هو تفعيل الإرادة المؤسسية وتنمية الثقة المتبادلة، لترجمة الطموحات إلى واقع اقتصادي مستدام يخدم مصلحة البلدين
