
في خطوة تحمل بُعدًا ثقافيًا ورؤية استراتيجية، جاء تعيين الأديب والشاعر والإعلامي محمد ياسين صالح وزيرًا للثقافة السورية، ليؤكد أهمية إسناد المناصب المؤثرة إلى شخصيات ذات خلفية معرفية وخبرة في المجال الذي تديره. لم يكن هذا التعيين مجرد اختيار إداري، بل هو انعكاس لحاجة الثقافة السورية إلى قائد يمتلك رؤية متجددة وقدرة على التأثير في المشهد الثقافي العربي والدولي.
حضور ثقافي وإعلامي مميز
يتمتع محمد ياسين صالح بخبرة واسعة في مجالات الأدب والإعلام، حيث جمع بين اللغة العميقة والأسلوب السلس، ما جعله واحدًا من أبرز الأصوات العربية في مجال الثقافة واللغة. حاز على درجة البكالوريوس في اللسانيات من جامعة لندن متروبوليتان، وتابع دراساته العليا في الترجمة بجامعة وستمنستر، ما عزز أدواته الفكرية وجعله مؤهلًا لقيادة مؤسسة ثقافية بحجم وزارة الثقافة السورية.
لم تقتصر خبرته على الجانب الأكاديمي، بل امتدت إلى العمل الإعلامي، إذ تألق كمذيع وصانع محتوى في شبكة الجزيرة، حيث قدّم برامج ثقافية جذبت اهتمام المشاهد العربي، وعلى رأسها برنامج “تأملات”، الذي يعد واحدًا من البرامج الأعلى مشاهدة. هذا المزج بين الثقافة والإعلام أكسبه مهارات التواصل الجماهيري والتأثير الواسع، وهي صفات ضرورية لمن يتولى قيادة المشهد الثقافي في بلد غني بالإرث الحضاري كـسوريا.
وفاء نادر ومسؤولية كبرى
في كلمته خلال حفل التنصيب، عبّر صالح عن حبه لسوريا وأهلها، وأظهر وفاءً نادرًا لشبكة الجزيرة التي كانت منصة لانطلاقه الإعلامي، وهي سمة نادرة في زمن المصالح المتغيرة. هذا الخطاب الصادق يعكس شخصية تؤمن بالوفاء والمسؤولية، وهو ما تحتاجه الثقافة السورية في هذه المرحلة لإعادة بناء جسور التواصل الثقافي داخليًا وخارجيًا.
رهانات المستقبل
يواجه وزير الثقافة الجديد تحديات كبيرة، أبرزها إعادة تنشيط المشهد الثقافي السوري وتعزيز حضور سوريا في المحافل الثقافية العالمية. كما أن دوره يتطلب الجمع بين الحفاظ على التراث الثقافي العريق والانفتاح على التجديد والإبداع، وهي مهمة ليست سهلة في ظل الظروف الحالية، لكنها ممكنة مع قيادة تمتلك الفكر والقدرة على التنفيذ.
إن تعيين محمد ياسين صالح وزيرًا للثقافة هو رسالة بأن سوريا تدرك أهمية الثقافة في بناء المجتمعات، وأنها بحاجة إلى رجال قادرين على تحويل الوزارة من مجرد مؤسسة إدارية إلى منصة إشعاع ثقافي عربي ودولي. هو اختيار صائب، فالرجل المناسب وجد أخيرًا مكانه المناسب
بسّام عودة _ شؤون عربية