غير مصنف

من وقف إطلاق النار في غزة إلى حرائق كاليفورنيا: اختبار لقدرة ترامب على إدارة الأزمات

مع اقتراب تسلّم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مهامه في البيت الأبيض، شهد العالم مجموعة من الأحداث التي تعكس تعقيد المشهد الدولي والإقليمي. فمن ناحية، ظهرت بوادر هدوء نسبي في بعض مناطق النزاع، كوقف إطلاق النار في غزة، وتراجع التوتر في السودان، إلى جانب وقف إطلاق النار في جنوب لبنان. هذه التطورات تشير إلى احتمالية أن يحمل ترامب، القادم من عالم الأعمال، استراتيجية سياسية جديدة لمحاولة إنهاء النزاعات في أماكن مختلفة من العالم.

ترامب ومقاربات حل النزاعات

منذ اللحظة الأولى لتوليه منصبه، كانت هناك تساؤلات حول قدرته على التعامل مع الصراعات المعقدة في الشرق الأوسط وأفريقيا. فهل سيتبع نهجًا مختلفًا في الفترة القادمة؟ أم أن سياساته ستركز على استخدام القوة السياسية والدبلوماسية لإنهاء الأزمات؟ تصريحات ترامب، مثل قوله: “إذا لم يُفرج عن الرهائن قبل تسلمي الرئاسة، سيحل الجحيم”، تُظهر أنه يحاول تقديم نفسه كـ”رجل الحلول”، لا سيما في القضايا التي تشكل مصدر تهديد للاستقرار الدولي.

وقف إطلاق النار في غزة، على سبيل المثال، قد يكون ناتجًا عن جهود غير مباشرة لتخفيف حدة الصراع، خاصة وأن إسرائيل لم تحقق شيئًا سوى الدمار وقتل الأبرياء في غزة. في السودان، شهدت الفترة تفوق الجيش على التمرد من خلال العقوبات التي فُرضت على قائد التمرد.

ورغم التوترات الإقليمية، شهد لبنان تطورًا إيجابيًا بعد انتخاب رئيس جمهورية جديد وتكليف رئيس حكومة من خارج الإطار السياسي التقليدي. هذه الخطوة، التي جاءت بعد سنوات من الجمود السياسي، تعكس رغبة المجتمع الدولي في التغيير والإصلاح. لكنها تواجه تحديات كبيرة، خصوصًا في ظل التوتر المستمر بين حزب الله وإسرائيل، والدعم الأمريكي غير المشروط للأخيرة.

الشرق الأوسط: جحيم محتمل

تصريحات وتهديدات ترامب، مثل قوله: “إذا لم يُفرج عن الرهائن، سيحل الجحيم”، تُنذر بأن الشرق الأوسط قد يكون على شفا جحيم إذا لم تُحل القضايا العالقة. هذه التصريحات تزيد من حدة التوتر وتضع المنطقة أمام تحديات جديدة.

التحديات الداخلية: حرائق كاليفورنيا

في الوقت الذي حاول فيه ترامب الإطفاء على الساحة الدولية، اشتعلت النيران في الداخل. حرائق كاليفورنيا ولوس أنجلوس مثلت كارثة بيئية وإنسانية أثرت على آلاف المواطنين. هذه الحرائق، التي تجاوزت التوقعات، كانت بمثابة اختبار حقيقي للإدارة الأمريكية الجديدة، حيث أظهرت مدى الحاجة إلى معالجة الأزمات البيئية الداخلية بالتوازي مع الانخراط في حل الأزمات الدولية.

ترامب وجد نفسه أمام معضلة؛ فمن جهة أراد أن يثبت قدرته على إدارة السياسة العالمية، ومن جهة أخرى كان عليه التعامل مع تحديات بيئية واقتصادية داخلية تهدد استقرار الولايات المتحدة.

رئاسة ترامب قد تكون بمثابة رحلة مليئة بالتناقضات والتحديات. ففي حين يحاول تقديم نفسه كقائد عالمي قادر على حل النزاعات وفرض السلام، يجد نفسه يواجه أزمات داخلية لم تكن في الحسبان. هذه الديناميكية بين الداخل والخارج، بين إطفاء الحرائق في مناطق النزاع وإخماد النيران في الداخل، ستظل أحد أبرز ملامح فترة ولايته.

بسّام عوده _ شؤون عربية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
Skip to content