كتب : بسّام بني احمد
في عالم الصحافة والإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، تدار الأخبار بيد وعقل موجه، سواء كان مع أو ضد. نشاهد صورًا لما يحدث في فلسطين وغزة، حيث يُقتل الأطفال والناس ببرودة. هذا هو العالم المثالي الذي أصبح جزءًا من مخطط جديد لتغيير القيم. وفي خضم هذا المشهد، يحيرني أمرٌ ما: لماذا تونس لها طعم ولون آخر؟
عندما يحدث أمر ما في تونس، حتى لو كان تافهًا، يتجه العالم بأسره للبحث عن الأخلاق وكأن عالمنا العربي هو “المدينة الفاضلة”. هنا في تونس، تصّرف شخصي يمثل صاحبه في حفل حفل غناء يجعل العالم يتوقف، ويسلط الضوء على . فتاة تونسية تتزوج من أجنبي وتقيم حفلًا كبيرًا، فتقوم الدنيا ولا تقعد.
كيف نصنع من التفاهة هدفًا؟ وكيف نترك قضايانا العربية والإسلامية المصيرية ونتابع فتاة تونسية تزوجت وأقامت حفل زفاف؟ واخرى رقصت على مسرح ، قد تكون هذه الأمور خارجة عن المألوف وتزعج المجتمع لكن لماذا تأخذ بعدًا عربيًا وإسلاميًا وكانها قضية مصيرية ، بينما في دول أخرى تُقتل الآلاف في حروب داخلية، وعصابات المخدرات تبني كيانات ودول في غسيل الأموال؟ لماذا ( الحبة في تونس تصبح قبة)، ويتهم البلد بالفساد والانحلال وعدم الغيرة؟ ألم نشاهد دولًا تفتح أبواب الدعارة الدولية؟ طائرات تقلع وأخرى تحط على المدارج، ونساء من كل دول العالم ولا يتكلم أحد.
تونس تستحق أن نركز على تاريخها الزاخر ، بلد أنجب العلماء والمحدثين ، بلد الزيتونة والقيروان وابن النظير وابن خلدون. وبيرم التونسي ، وآل عاشور العلماء الأفاضل. بلاد عبد العزيز العروي وأبو القاسم الشابي، بلاد أول علم تونسي وأول دستور ، مهما حصل من اخطاءفردية ، تبقى تونس دولة لها مكانتها عبر العالم . والدليل عندما نتحدث عن تونس، يكون لها وقع واحترام كبير عند الآخرين. بكل تواضع، أعيش بفضلها وأقبل ترابها وأعتز بها. … يؤلمني ما يكتب في مبالغه كبيرة وكانها مستهدفه ..لماذا تونس؟
لماذا كل هذه الزوابع التافهة؟ عندما أقف أمام حرمها وجامعاتها وأدرك أن هذه البلاد بلاد علم، لا زلت أتذكريوما قبلت جبين العالم الجليل عبد الرحمن خليف، فقبّل يدي بتواضع العلماء. لا أنسى الدكتور التهامي النقرة وجامعة الزيتونة، التي تخرج منها وزراء المشرق ومعظم العلماء، الم يكن إمام الأزهر محمد الخضر حسين في عام 1950، تونسي ، ومفتي الأردن الشيخ حسن العياري. و الأسماء كثيرة.
يجب علينا أن نتوقف عن التشهير والقدح والسب. ألم يقل المثل التونسي: “كل شاه تتعلق من كراعها”؟ صحيح ما يحدث مزعج لسمعة البلاد والعباد، ولكن ليس بهذا القدر من الاهمية
لماذا تونس بالذات؟
ميثاق الصحافة يمنعني من ذكر أسماء الدول التي حرقت الأخضر واليابس “ والسؤال المطروح: لماذا تونس؟
هذه الدولة التي قدمت للعالم العربي والإسلامي الكثير، يجب أن نكون أكثر إنصافًا في تناول أخبارها، وأن نركز على تاريخها الغني وثقافتها العريقة بدلاً من الانجراف وراء التفاهات التي تستهلك وقتنا وطاقاتنا، ونترك قضايانا المصيرية دون حل أو اهتمام ، متى يصحو فينا الضمير ونرتقى عن كل التفاهات ، امامنا مسؤولية كبيرة ، الكلمة امانة ، واخلاص النية من الوصية .