بسّام عودة – شؤون عربية
تعكس تصريحات الأردن وقلقه من الأحداث المتسارعة في سوريا عدة اعتبارات سياسية وأمنية ترتبط بالواقع الإقليمي والدور الأردني في المنطقة. يأتي هذا القلق في سياق تزايد حالة الغموض حول مستقبل الأزمة السورية، لا سيما بعد تصاعد النشاطات العسكرية والسياسية الأخيرة، والتي قد يكون لها تأثير مباشر على أمن واستقرار الأردن والمنطقة.
الجوار الجغرافي وتأثيرات الأزمة السورية:
الأردن، بحكم موقعه الجغرافي المجاور لسوريا، يتحمل بشكل مباشر تبعات أي تصعيد داخل الأراضي السورية، سواء من حيث تدفق اللاجئين، أو تهديدات الجماعات المسلحة، أو احتمالية تصدير العنف عبر الحدود. لذلك، فإن أي اضطراب في سوريا قد يُحدث ارتدادات أمنية واقتصادية على الأردن.
الأمن القومي الأردني:
المملكة لديها تاريخ طويل من التعامل مع التحديات الأمنية الناتجة عن الأوضاع في سوريا، بما في ذلك تهديدات التنظيمات الإرهابية وتهريب السلاح والمخدرات عبر الحدود. ومع تصاعد الأحداث، يخشى الأردن من أن تتفاقم هذه التحديات، خاصة إذا ما أدى الوضع إلى فراغ أمني أو تصاعد النفوذ للجماعات المسلحة
الأردن يحرص على الحفاظ على استقرار المنطقة ككل، وهو أمر يتطلب ضبط الأوضاع في سوريا لتجنب موجة جديدة من عدم الاستقرار الإقليمي. القلق الأردني يمتد إلى مخاوف من صراعات دولية وإقليمية تُدار على الساحة السورية بين القوى الكبرى والإقليمية.
الوضع الإنساني واللاجئين:
مع وجود أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين على أراضيه، يواجه الأردن ضغوطًا اقتصادية واجتماعية كبيرة. أي تصعيد جديد في سوريا قد يزيد من هذه الأعباء، وهو أمر يُضيف بُعدًا إنسانيًا إلى المخاوف الأردنية.
التوجه الأردني في التعامل مع الأزمة:
الدعوة إلى الحلول السياسية:
تأكيد وزير الخارجية أيمن الصفدي على دعم وحدة الأراضي السورية وسيادتها يعكس رغبة الأردن في الحفاظ على استقرار سوريا من خلال تسوية سياسية شاملة. الأردن يدرك أن الحل العسكري لن يؤدي إلا إلى مزيد من الفوضى، وأن الاستقرار يتطلب توافقًا بين الأطراف السورية والإقليمية والدولية.
تكثيف الجهود الدبلوماسية:
دعوة الأردن لتكثيف الجهود الدبلوماسية تنسجم مع موقفه التقليدي كدولة تسعى إلى لعب دور وساطة في الأزمات الإقليمية. يمكن أن يسعى الأردن إلى تعزيز التنسيق مع الدول العربية والمجتمع الدولي لدعم جهود التسوية السياسية.
تعزيز التنسيق الأمني الداخلي:
الاجتماع الذي ترأسه الملك عبد الله الثاني لمجلس الأمن القومي يبرز الاهتمام الأردني برصد التطورات وإعداد استراتيجيات للتعامل مع أي تهديدات محتملة. الأردن يعمل على تعزيز قدراته الأمنية لمواجهة أي تداعيات سلبية قد تنجم عن التصعيد السوري.
التحديات أمام الأردن:
دور القوى الإقليمية والدولية:
التدخلات الخارجية في سوريا تُعقّد المشهد، وتجعل من الصعب على الأردن تحقيق رؤية مستقرة للوضع السوري. النفوذ الإيراني والتركي، بالإضافة إلى الدور الروسي والأمريكي، يزيد من حالة الغموض ويفرض تحديات إضافية على الأردن في الحفاظ على أمنه واستقراره.
الضغوط الاقتصادية:
الأردن يعاني من تحديات اقتصادية داخلية تزيد من تعقيد التعامل مع تداعيات الأزمة السورية. الحاجة إلى توازن بين الدور الإقليمي والاعتبارات الداخلية تضع ضغوطًا على صناع القرار في المملكة.
مخاوف الأردن من التطورات في سوريا مبررة بالنظر إلى موقعه الجيوسياسي، والتداخلات الإقليمية، والتحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجهه. تسارع الأحداث في سوريا يُعيد التأكيد على ضرورة دور أردني فاعل في الدبلوماسية الإقليمية والدولية لدفع نحو حل سياسي مستدام، مع تعزيز الإجراءات الأمنية والاقتصادية داخليًا لضمان استقراره في وجه أي تداعيات.