كتب : بسّام عوده
في قلب غزة المحاصرة، ينبض قلبٌ آخر .. لا ندرك كيف سنقابله يوما ما .. ؟ رغم الظروف التي لا تحتمل. هذا القلب هو قلب يحمل ثقافات امم ، ثقافة التعاون والإحساس بالاخر ، غزة ارتبط اسمها باسم هاشم بن عبد مناف الذي توفي فيها حوالي سنة 524 م، وهو عائد منها للتجارة ، قادما نحو مكة، ، فكانت غزة محط رحاله ومأوى ضريحه. غزة الابية اليوم في مواجهة الحصار القائم والصراع المستمر، غزة قصة استثنائية تعبر عن قوة الروح الإنسانية وعزم البشر على البقاء متماسكين ومتضامنين.
تحت هذا السماء المحاصرة وبين جدران الدمار والخراب، تولد روح التعاون بشكل مشرف . في غزة لا تجد شرطه تراقب الآخرين فقط من أجل العون والتضحية . هنا، يُمارس الناس الاخلاق الحقيقية لا فرق بين مسلم ومسيحي ، التضامن بكل انواعه رغم الحاجه في ضل الحرب ، حيث يشتركون في الموارد القليلة التي تبقت.
لا تجد هنا سارقًا يعتلي المتاجر او البنوك أو ينهب في الليل او النهار عندما قصف المخبز تناثر الخبر في الشارع ، ولم تجد شخص ينحني وياخذ رغيف ، شعب يعيش بالكرامه رغم الحرب والدمار، لم تقلل من عزيمة سكان غزة للمحافظة على قيمهم وأخلاقهم. يعيش الجميع هنا بثقافة التعاون، حيث يُعلمون جيدًا أن الوحدة تعزز القوة،.
تكمن أهمية هذه الثقافة في قدرتها على تقديم الأمل والاصرار على النصر في وجه المعتدي . في مواجهة الحرب والظلم والحصار، تنعكس القيم الإنسانية العليا بشكل مبهر وتظهر اجمل صور الصمود . إنها صورة تجسد روح المقاومة والأمل
. يجب على المجتمع الدولي أن يعرف ويفهم ان هناك مدينة تصنع الرجال وتسطر البطولات والنصر والاصرار على البقاء , لأولئك الذين يعيشون في هذا الركن الصغير من العالم ننحني اجلالا لهم ، سطروا قصص وتضحيات لا تصدق وروحًا لا تنكسر.
نعم، هذا هو الواقع في غزة، حيث يشهد السكان تحديات يومية للحفاظ على أساسيات الحياة. في وجه هذه التحديات، تبرز ثقافة التضامن والبقاء متماسكين بصورة يعجز عنها الخيال . الناس في غزة يشتركون في كل شي حتي في الشهادة والقبور لا شي يخيفهم . إنها رسالة قوية تشهد على إرادة الناس في غزة للتغلب على التحديات والاستمرار في بناء مستقبل أفضل، حتى وسط الدمار والصراع.
قصص هؤلاء الأشخاص الذين يتقاسمون النوم والموارد ولقمة العيش ، اطفال تكتب اسمائهم على اجسادهم وايديهم تُظهر بطولة وشجاعة الأطفال والشبان في غزة. تدوين أسمائهم على أيديهم يعكس إصرارهم على أن يُعرَفوا حتى في حال فقدانهم. قدرتهم على التضحية وتقديم الأرواح من أجل الكرامة والشرف لوطنهم هي مثال على البطولة الحقيقية.
هؤلاء الشباب والأطفال يرون في الدفاع عن وطنهم وكرامتهم واجبًا وشرفًا. إنهم يلهمون العالم بروحهم القتالية والتضحية. تلك البطولات تعكس رغبتهم القوية في تحقيق العدالة والحرية، حتى لو كان ذلك يعني تقديم أكبر تضحية من أجل ثوابتهم التي يؤمنون بها. إنها رسالة تسطر أهمية الكرامة والحرية لشعب غزة وللشعوب التي احبتهم ،
يراودني احساس بالخجل اما هؤلاء الابطال ، ماذا نقول لهم يوما ما ، اشعر امامهم بانني صغير ، وكانني لا استحق الحياه .
بسّام عوده ، كاتب صحفي ،اردني