
في خطوة تعكس تحولًا في المشهد الإقليمي، زار رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، العاصمة السورية دمشق، حيث التقى قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع. تعد هذه الزيارة الأولى لمسؤول قطري رفيع منذ سقوط نظام بشار الأسد، ما يؤكد اهتمام الدوحة بلعب دور محوري في سوريا خلال المرحلة المقبلة.
دور قطر في المرحلة الانتقالية
حرصت قطر على أن تكون من أوائل الدول التي أعادت فتح سفارتها في دمشق، بعد تركيا، ما يعكس رغبتها في تعزيز حضورها السياسي والاقتصادي في سوريا الجديدة. فمنذ سقوط النظام السابق، بادرت الدوحة إلى التواصل مع الحكومة الانتقالية، وأرسلت وفودًا دبلوماسية للتأكيد على دعمها، إلى جانب تسيير جسر جوي من المساعدات الإنسانية والإغاثية.
على المستوى الاقتصادي، تأتي هذه الزيارة في ظل مساعٍ قطرية لتعزيز الاستثمارات في سوريا، ما يضعها في موقع متقدم ضمن الدول التي تسعى لإعادة إعمار البلاد. الدعم القطري المستمر للإدارة الجديدة يشير إلى أن الدوحة لا تكتفي بالمساعدات الإنسانية، بل تسعى إلى دور أوسع في صياغة مستقبل سوريا سياسيًا واقتصاديًا.
قطر وتوازنات الإقليم
تمثل هذه الزيارة أيضًا جزءًا من التنافس الإقليمي على النفوذ في سوريا بعد سقوط الأسد. فإلى جانب تركيا، تريد قطر تثبيت موقعها كلاعب رئيسي في المرحلة الانتقالية، ما قد يمنحها ورقة استراتيجية مهمة في المشهد العربي والدولي. كما أن التحرك القطري السريع قد يشجع دولًا أخرى على الانخراط في المسار الجديد لسوريا، ما قد يؤدي إلى تغييرات أوسع في موازين القوى بالمنطقة.
دعم قطري لقطاع الطاقة
وفي إطار دعمها المباشر لسوريا، أعلن رئيس الوزراء القطري خلال مؤتمر صحفي في دمشق أن الدوحة ستزود سوريا بـ 200 ميجاوات من الكهرباء، مع خطط لزيادة حجم الإمدادات تدريجيًا. هذه الخطوة تعكس التزام قطر بالمساهمة في تحسين الأوضاع المعيشية في سوريا الجديدة، وتوفير البنية التحتية الأساسية لدعم الاستقرار والتنمية.
تؤكد زيارة رئيس الوزراء القطري إلى دمشق أن الدوحة تسعى لترسيخ دورها كشريك أساسي في إعادة بناء سوريا، سواء عبر الدعم السياسي أو الاقتصادي. ومع تسارع الأحداث، يبدو أن قطر تتجه نحو لعب دور أكثر تأثيرًا في مستقبل سوريا، مستفيدة من تحركاتها الدبلوماسية السريعة وعلاقاتها القوية مع الإدارة الجديدة، مما قد يفتح المجال لشراكات أوسع في مجالات حيوية مثل الطاقة وإعادة الإعمار.
بسّام عودة _ شؤون عربية