إقتصادالعالم العربيتونس

رأس إفريقيا للتنمية والاستثمار”: رهان ثلاثي لبناء شراكة اقتصادية إفريقية واعدة

في زمن تتسارع فيه المتغيرات الاقتصادية والجيوسياسية، وتحت ضغط الحاجة إلى نماذج تنموية جديدة تضع المصالح الإفريقية في قلب المعادلة، تبرز مبادرات التكامل الإقليمي كأحد المسارات الاستراتيجية لتأمين مستقبل مستدام. من هذا المنطلق، تشهد تونس حدثًا مفصليًا يتمثل في الإعلان الرسمي عن تأسيس شركة “رأس إفريقيا للتنمية والاستثمار”، التي تأتي كثمرة تعاون ثلاثي بين تونس وليبيا والجزائر، لتشكل ركيزة جديدة نحو شراكة اقتصادية متكاملة في الفضاء الإفريقي.

تحت مظلة “المجلس الأعلى لرجال الأعمال التونسيين والليبيين”، وبحضور عدد من كبار رجال الأعمال والدبلوماسيين والإعلاميين، سيتم يوم الإثنين 7 أفريل 2025 الإعلان عن الانطلاق الرسمي لشركة “رأس إفريقيا للتنمية والاستثمار” في مقرها الكائن بمنطقة المنزه قصر تاج بتونس العاصمة.

هذه الشركة الجديدة، والتي تضم رؤوس أموال وخبرات من تونس وليبيا والجزائر، تمثل تحولاً نوعيًا في التفكير الاقتصادي الإقليمي، إذ تتجاوز منطق العلاقات الثنائية التقليدية لتؤسس لمقاربة ثلاثية قائمة على الاستثمار المشترك، وتبادل الخبرات، والتوسع نحو أسواق إفريقيا جنوب الصحراء.

ما يجعل هذه المبادرة ذات أهمية استراتيجية هو التقاء ثلاث دول تربطها حدود وجغرافيا وتاريخ ومصالح متداخلة، وتواجه تحديات تنموية متقاربة، في إطار من التقلبات الإقليمية والرهانات الدولية. ومع ما تملكه هذه الدول من موارد طبيعية وكفاءات بشرية ومواقع جغرافية حيوية، فإن تأسيس كيان اقتصادي مشترك يعكس إرادة سياسية واقتصادية لاقتحام الأسواق الإفريقية بصفة جماعية، واستثمار الفرص المتاحة ضمن أطر أكثر تنسيقًا وفعالية.

نحو تكامل اقتصادي حقيقي:

لطالما ظل حلم السوق المغاربية الموحدة معلقًا لأسباب سياسية وعوائق بيروقراطية، غير أن الواقع الجديد يفرض آليات تعاون أكثر مرونة ومبادرات قطاعية تخلق مناخًا عمليًا للتكامل. في هذا السياق، يمكن أن تمثل “رأس إفريقيا للتنمية والاستثمار” تجربة نموذجية يمكن البناء عليها لتوسيع الشراكات في قطاعات حيوية مثل الطاقة، الزراعة، اللوجستيك، البنية التحتية، والتكنولوجيا.

هذه المبادرة رسالة واضحة بأن التعاون بين الدول الثلاث يمكن أن يتحول إلى قوة فاعلة لصالح شعوبها، وبوابة عبور نحو دور مغاربي أكثر تأثيرًا في القارة السمراء. إنها بداية قد تكون متواضعة في شكلها، لكنها كبيرة في دلالاتها واستشرافاتها، وتفتح الباب أمام مستقبل اقتصادي مغاربي – إفريقي يقوم على الشراكة لا التبعية، وعلى البناء لا الانتظار.

بسّام عوده _ شؤون عربية 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
Skip to content