السعوديةالعالمالعالم العربيالمجتمع

حينما تكون المرأة السعودية مصدر إلهام

كتب : الشاذلي بن رحومه

تابعت بكل شغف وتفاعل عملية إطلاق الصاروخ “فالكون9 ” الذي كان على متنه رائدا الفضاء السعوديان علي القرني وريانة برناوي، وما سبق هذه المرحلة من أحاسيس مشوبة بالفخر والقلق.

لقد أيقظت فيّ هذه الرحلة كما أيقظت في ملايين المتابعين عبر أنحاء العالم مشاعر ومشاهد جميلة. لهذه الرحلة طعم خاص.. خطفت أنظارنا الشاشات المتنوعة بكل لغاتها. سعوديان خلّدا اسمهما واسم وطنهما في منعطفات هذه الرحلة التاريخية المشوّقة.

في هذه الرحلة الفضائية التي تُراكم حقبة إنسانية جديدة “ناقلةً الحلم السعودي إلى الفضاء”، رسمت المرأة السعودية مجدداً قدرها ونجاحها بعد أن التقطت هذه اللحظة الرائعة، لتترك بصماتها في دروب العلم والاكتشاف والتجارب الفضائية المتقدّمة إلى جانب مواطنها السعودي. التقطت هذه الدكتورة السعودية فرصتها.. والفرصة وحدها لا تكفي للوصول إلى قمم النجاح، إذ لهذه المرأة الطبيبة كما لغيرها من المبدعات السعوديات، قدرات علمية فائقة لتكون رائدة فضاء، قدرات أهّلتها لتكون إحدى الكفاءات العلمية الدولية التي ستشارك بتجربتها العلمية العميقة وستكون معنية ببحث بعض أسرار مجال الفضاء إلى جانب مواطنها، توظيفاً لخدمة الإنسان. هي ابنة رؤية 2030، التي تمكّنت من التحليق في واحدة من رحلات الفضاء البشرية للمساهمة في البحوث الفضائية التي تحتاجها الإنسانية.

إن وجود رائدي الفضاء السعوديين ضمن أربعة من خيرة العلماء، يعكس مسيرة تعليمية سعودية طويلة، قوامها التخطيط والتقييم والتقاط الفرص الجيدة لإصلاح تعليمي مستمر بكل عزم وثبات على مدى عقود . نجاح تعليمي جسدته إرادة سياسية مُدركة أنّ التعليم أساس كل إصلاح وتقدم. وكما قال الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، فيما قاله من أقوال مأثورة أن “التعليم في السعودية هو الركيزة الأساسية التي نحقق بها تطلعات شعبنا نحو التقدم والرقيّ في العلوم والمعارف”.

وعلى رأي الفيلسوف اليوناني أرسطو بأنّ “التعليم زينة في الرخاء وملاذ في الشدّة”، فإنّه لن تكون أولى أو آخر ثمرات التعليم في المملكة هذا الاستحقاق عبر مساهمة رائدي الفضاء السعوديين في هذه الرحلة .. لقد أصبحت المملكة شريكاً في الأنشطة الفضائية العالمية وفي استثمارها في بيئة الفضاء.

تلك إرادة النجاح وعنوان كلّ تقدّم.. وتلك أهمّ فرص الإبداع التي تخلقها الأنظمة التعليمية الجيدة الملهمة للمبدعين من أبنائها الذين يحملون بين أفئدتهم راية الوطن بعيداً. إنّها قصّة نجاح الجامعات السعودية التي تشهد صعوداً متتابعاً في التصنيفات العالمية المختلفة، وقصّة سياسة الابتعاث التي تبنّتها الدولة السعودية طيلة العقود الماضية بهدف مواكبة التقدم العلمي والتكنولوجي من داخل أرقى الجامعات العالمية، سياسة ابتعاث اتسمت بالتوازن النسبي بين الجنسين.

إنّها بداية رحلة دقيقة في عمر الأوطان العربية. ليست رحلة استمتاع برؤية العالم من الخارج، بل هي بالتأكيد رحلة للأبحاث العلمية التي تهدف إلى المساهمة في تحسين الحياة البشرية على كوكب الأرض الذي مزّقته الحروب والأوبئة والتغيّر المناخي…، لكنّ الجميل في هذه الرحلة أنها بإطلالة وامتياز سعوديين، وما أحوجنا لمثل هذه المبادرات السارّة التي تمنحنا أنّ الأمل حقيقة وأنّ صناعه استطاعوا المساهمة، وعلى النخب العربية المضي في هذا الطريق المتاح للجميع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
Skip to content