
تشهد تونس في السنوات الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في أعداد المهاجرين غير النظاميين القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، الأمر الذي أفرز تحديات اجتماعية واقتصادية وأمنية متزايدة. ومع استمرار تدفق هؤلاء المهاجرين بطرق غير قانونية، باتت المدن التونسية تواجه أزمة متعددة الأبعاد، حيث تعاني قطاعات الإسكان، ووسائل النقل، والأسواق، والخدمات العامة من ضغط متزايد، مما أدى إلى ارتفاع الأصوات المطالبة بحلول عاجلة. ورغم تعاطف التونسيين مع الظروف الإنسانية لهؤلاء المهاجرين، إلا أن بعض السلوكيات والمظاهر التي تتعارض مع العادات والتقاليد المحلية ساهمت في تأجيج النقاش حول ضرورة تنظيم وجودهم أو إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية.
يشكل التدفق الكبير للمهاجرين غير النظاميين في تونس معضلة متفاقمة، حيث تؤثر هذه الظاهرة على مختلف جوانب الحياة اليومية. فقد أدى تزايد الأعداد إلى أزمة سكنية خانقة، حيث ارتفعت إيجارات المساكن في بعض المناطق بشكل ملحوظ بسبب زيادة الطلب. كما تشهد الأسواق الشعبية والمرافق العامة ازدحامًا غير مسبوق، مما يزيد من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية على المواطنين التونسيين، الذين يواجهون بدورهم أوضاعًا معيشية صعبة.

من جهة أخرى، فإن تواجد أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين دون رقابة قانونية ساهم في تفشي بعض السلوكيات التي لا تتماشى مع العادات والتقاليد التونسية، مما أثار استياء شريحة واسعة من المجتمع. وقد برزت حملات على منصات التواصل الاجتماعي تطالب الحكومة بإيجاد حلول جذرية لهذه الأزمة، من خلال تنظيم عمليات ترحيل للمهاجرين الذين دخلوا البلاد بطرق غير شرعية، مع مراعاة الأبعاد الإنسانية والقانونية لهذه الخطوة.

المخاطر الاجتماعية لظاهرة الهجرة غير النظامية
تُشكل الهجرة غير النظامية تهديدًا مباشرًا على الاستقرار الاجتماعي في تونس، ومن أبرز المخاطر التي تواجه المجتمع التونسي:. الضغط على الخدمات العامة: يزداد الطلب على الخدمات الصحية والتعليمية ووسائل النقل، مما يرهق البنية التحتية للدولة ويؤثر على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
ارتفاع معدلات البطالة: يعمل العديد من المهاجرين في القطاع غير الرسمي بأجور منخفضة، مما يؤدي إلى منافسة غير متكافئة مع اليد العاملة التونسية، ويزيد من معدلات البطالة في صفوف الشباب.
تغيير التركيبة السكانية والثقافية: يؤثر تزايد أعداد المهاجرين على النسيج الاجتماعي التونسي، حيث تظهر أنماط ثقافية وسلوكية جديدة قد تتعارض مع القيم المحلية.
انتشار بعض الظواهر السلبية: قد تساهم هذه الظاهرة في ارتفاع معدلات الجريمة والاقتصاد الموازي، خاصة في ظل غياب آليات ضبط واضحة تضمن اندماجًا قانونيًا ومنظمًا للمهاجرين في المجتمع
أصبحت قضية المهاجرين غير النظاميين في تونس ملفًا شائكًا يحتاج إلى مقاربة متوازنة تأخذ في الاعتبار الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية. وبينما يتعاطف الشعب التونسي مع الظروف الصعبة التي دفعت هؤلاء المهاجرين إلى مغادرة بلدانهم، فإن الحاجة إلى إيجاد حلول عاجلة أصبحت ملحة للحفاظ على استقرار المجتمع وضمان حقوق جميع الأطراف المعنية. فهل ستتمكن السلطات من تحقيق توازن بين البعد الإنساني ومتطلبات الأمن والاستقرار الوطني
بسّام عوده _ شؤون عربية