
في كل موسم حج، تصدر المملكة العربية السعودية ممثلة بوزارة الحج والعمرة تعليمات تنظيمية تهدف إلى تسهيل أداء المناسك في أجواء آمنة ومنظمة. هذه التعليمات تأتي ثمرة دراسات ميدانية دقيقة، تنفذها الجهات المختصة بناءً على تجارب المواسم السابقة، لضمان أعلى مستويات السلامة والراحة لضيوف الرحمن.
ومن أبرز التحديات التي واجهتها المملكة في السنوات الأخيرة، تزايد أعداد الحجاج غير النظاميين، ممن لا يملكون سجلات صحية موثقة، ما يصعّب على الجهات الصحية التعامل معهم ويوسّع دائرة المخاطر، خاصة في ظل الازدحام الشديد في المشاعر المقدسة.
ورغم الجهود الهائلة التي بذلتها المملكة لإنجاز التوسعة الثالثة للحرم المكي – والتي تُعد إنجازًا هندسيًا غير مسبوق وتحاكي الخيال من حيث الإمكانيات والطاقة الاستيعابية – فإن التنظيم والوقاية الصحية لا تزال تمثلان أولوية قصوى، خصوصًا للحجاج من كبار السن.

وفي هذا الإطار، قررت وزارة الحج والعمرة السعودية تقليص نسبة الحجاج من كبار السن (مواليد 1954 فما دون) إلى 7% فقط لهذا الموسم، كإجراء احترازي يهدف إلى حماية هذه الفئة من مخاطر الإرهاق والمضاعفات الصحية.
وقد أكدت الهيئة العليا للحج والعمرة أن الحاج المشمول بالقرار لن يُلغى حقه في الحج، بل سيُخيّر بين تأجيل رحلته إلى موسم قادم أو التنازل عنها لأحد أقربائه، حرصًا على عدم ضياع الفرصة عليه.
وفي تونس، تتاح لنا كل عام فرصة ممارسة العمل الصحفي من داخل أجواء الاستعداد للحج، من خلال متابعة الجهود التي تقوم بها سفارة المملكة العربية السعودية في تونس، والتي تتحول إلى خلية عمل لا تهدأ، حيث تُجنّد كل طاقاتها لتسهيل الإجراءات للحجاج التونسيين، وتبذل جهودًا كبيرة لإتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من الراغبين في أداء رحلة الإيمان، رغم ثقل المسؤولية وخصوصية العلاقة الأخوية التي تجمع بين البلدين الشقيقين.

إن ما تقوم به المملكة من جهود تنظيمية واحترازية، إضافة إلى مشاريعها العملاقة في توسعة الحرمين، يؤكد التزامها الراسخ بخدمة الحجاج وتيسير أدائهم للمناسك بأمان وطمأنينة، وهو ما يستحق التقدير والإشادة على المستويين المحلي والدولي
بسّام عوده. _ شؤون. عربية