تتعرض قناة الجزيرة لانتقادات وضغوطات متكررة من عدة أطراف دولية وعربية بسبب تناولها للأحداث في المنطقة، لا سيما القضية الفلسطينية التي تعد من أبرز المحاور التي تسلط عليها الضوء. جاء قرار السلطة الفلسطينية بتجميد عمل الجزيرة ليطرح تساؤلات حول أسبابه وتوقيته، خاصة في ظل تزايد القيود على الإعلام الفلسطيني من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
لا يمكن المساواة بين قرار الاحتلال الإسرائيلي باستهداف صحفيي الجزيرة ومنعهم من تغطية الأحداث وبين قرار السلطة الفلسطينية بتجميد عملها. الأول يأتي ضمن سياسات الاحتلال الهادفة إلى إسكات الإعلام الحر وطمس الحقيقة، بينما قرار السلطة يعكس ارتباكاً داخلياً في التعامل مع الوسائل الإعلامية الناقدة. ومع ذلك، فإن كلا القرارين يصبان في النهاية في تقويض حرية الصحافة وتقييد نقل الحقيقة.
قرار تجميد عمل الجزيرة من قبل السلطة الفلسطينية يمثل خطأً استراتيجياً من عدة جوانب:
تقييد حرية الصحافة: يوجه رسالة سلبية بشأن التزام السلطة الفلسطينية بمبادئ الشفافية وحرية التعبير.
الجزيرة تعتبر من أبرز المنصات الإعلامية التي تنقل معاناة الفلسطينيين للعالم، وقرار تجميد عملها قد يُفسَّر على أنه تضييق على صوت المقاومة الشعبية.
خسارة الدعم الشعبي والإعلامي:
القناة تحظى بجمهور واسع يتابع تغطياتها للأحداث الفلسطينية، وبالتالي معاداتها قد تؤدي إلى عزلة إعلامية للسلطة.
قرار تجميد عمل القناة، متسرع وغير مدروس ويبدو ان هناك جهات داخل السلطة تعادي حرية الصحافة، كان يمكن اللجوء إلى الحوار والنقاش لتوضيح أي تجاوزات أو أخطاء مهنية. هذا المسار يعكس نضجاً سياسياً ويجنب السلطة الوقوع في مواجهة مباشرة مع الإعلام، خاصة في وقت تحتاج فيه القضية الفلسطينية إلى تكاتف كل الجهود.
التبعات المحتملة:
في ظل تعدد وسائل الاتصال وانتشار الإعلام الرقمي، لن يؤثر قرار التجميد بشكل كبير على تغطية الجزيرة للأحداث الفلسطينية. بل قد يؤدي إلى تسليط مزيد من الضوء على ممارسات السلطة وسياساتها تجاه الإعلام، مما قد ينعكس سلباً على صورتها أمام الرأي العام المحلي والدولي.
قرار السلطة الفلسطينية بتجميد عمل الجزيرة خطأ استراتيجي قد يكلفها الكثير من الدعم الإعلامي والشعبي. في الوقت الذي تسعى فيه القضية الفلسطينية للحصول على تضامن عالمي، فإن تقييد الإعلام الحر لا يخدم إلا أجندة الاحتلال. الحوار مع الوسائل الإعلامية يظل السبيل الأمثل لحل أي خلاف، دون المساس بحرية الصحافة أو تشويه صورة النضال الفلسطيني.
بسّام عوده. شؤون عربية