كتب : بسّام عودة
تحول في السياسة السعودية تجاه الأزمة السوريةً ترجم
بلقاء الوفد السعودي مع قائد “هيئة تحرير الشام”، أحمد الشرع، يمثل تطورًا مهمًا في السياسة السعودية تجاه سوريا. يأتي هذا اللقاء في سياق محاولات المملكة إعادة الاستقرار إلى سوريا بعد أكثر من عقد من الحرب الأهلية التي دمرت البلاد. التحول السعودي يعكس رؤية براغماتية للتعامل مع مختلف الأطراف الفاعلة على الأرض السورية، بما في ذلك الجماعات التي كانت تُعتبر في وقت ما خارج نطاق التعامل السياسي وتشير المعلومات ان الوفد اتى برعاية الديوان الملكي نظرا لاهمية هذا اللقاء .
من خلال فهم التوجه السعودي لابعاد المنطقة العربية هناك اشارات إلى رفض التدخلات الخارجية، لا سيما الإيرانية، في الشأن السوري تعكس توجهًا سعوديًا يسعى إلى إعادة هيكلة النظام الإقليمي بعيدًا عن النفوذ الإيراني. الرياض تدرك أن طهران استخدمت الأزمة السورية لتحقيق مكاسب جيوسياسية، ما أدى إلى تدمير الاقتصاد السوري وتفاقم المعاناة الإنسانية. السعودية تسعى لاستعادة سيادة سوريا وتخفيف الاعتماد على التحالفات الإقليمية التي أثبتت فشلها في استعادة الاستقرار.
العمل بصمت: استراتيجية ناجحة
التكتم على تفاصيل اللقاء يؤكد أن الرياض تنتهج استراتيجية تعتمد على الدبلوماسية الهادئة بعيدًا عن الضجيج الإعلامي. هذه الاستراتيجية تعكس رغبة المملكة في بناء أسس صلبة للسلام والاستقرار دون الالتفات إلى الشعارات السياسية أو إثارة حساسيات دولية أو محلية. فالعمل بصمت يُتيح للسعودية تحقيق نتائج فعلية بعيدًا عن الضغوط العلنية.
دور سعودي في إعادة الإعمار:
السعودية تدرك أن الاقتصاد السوري دُمر بسبب الحرب والفساد وسوء الإدارة تحت نظام الأسد. لذا، فإن الرياض تُحضر لدور رئيسي في إعادة إعمار سوريا، سواء من خلال الدعم المالي أو الاستثمارات أو المساعدة في إعادة بناء المؤسسات المدمرة. هذا الدور لا يهدف فقط إلى تحقيق مكاسب اقتصادية، بل أيضًا إلى تقليل النفوذ الإيراني والروسي في البلاد من خلال تقديم بدائل عملية للشعب السوري.
أهمية اللقاء مع “هيئة تحرير الشام”:
رغم أن “هيئة تحرير الشام” كانت تُعتبر في السابق جماعة إرهابية، إلا أن اللقاء مع قائدها يشير إلى تغيّر في التصورات الإقليمية والدولية. يبدو أن السعودية تتجه إلى التعامل مع الجماعات المسيطرة على الأرض باعتبارها واقعًا يجب الاعتراف به لتحقيق الاستقرار. الشرع قدّم للوفد رؤيته للوضع الاقتصادي والمجتمعي، وهو مؤشر على استعداد الهيئة للتفاعل مع المبادرات الإقليمية والدولية للخروج من حالة الجمود الحالية.
التحديات المستقبلية:
ورغم هذه الخطوة، تواجه السعودية تحديات كبيرة في سوريا، أبرزها:
• تباين المصالح مع اللاعبين الدوليين (روسيا، إيران، تركيا). لكن التجارب اثبتت ان السعودية يكون لها دورها المعهود في تولي الملفات المعقدة من خلال علاقتها المتوازنه مع بقية الأطراف
ضمان أن الدعم السعودي لإعادة الإعمار لا يُستخدم لتمويل أجندات تخريبية. ويدعو إلى توافق عربي ودولي لإيجاد حل سياسي دائم يضمن وحدة الأراضي السورية واستقلالها.
لقاء الوفد السعودي مع أحمد الشرع يؤكد ان اهمية موقف المملكة تجاه سوريا. التي تسعى إلى بناء استقرار مستدام من خلال الدبلوماسية الهادئة وإعادة سوريا إلى الحاضنة العربية. هذا التحرك السعودي يُظهر قدرة المملكة على التكيف مع تعقيدات المشهد الإقليمي واتخاذ خطوات عملية نحو تحقيق أهدافها الاستراتيجية.