
كتب : بسّام عوده عياصرة
كل قماش يُرفع يُسمّى علماً، لكن هناك رايات تُنسَج من صبر الشعوب، وتُطرَّز بكرامتها، وتُمنَح أرواحها لتبقى خالدة في السماء، مهما عصفت الرياح.
العلم الأردني ليس مجرد رمز سيادي، بل هو اختزالٌ لهوية وطنٍ ضارب في الأصالة، ثابت في وجه العواصف.
هو وشاح الكرامة الذي احتضن الثرى والذرى، وغطّى قلوب الأردنيين في كل مكان: داخل الوطن، أو في السماء، وحول كوكب الأرض، وفي أعماق المياه.
الأسود هو لون الفخر الذي يغسلنا بذاكرة الثورة العربية الكبرى، هو سواد الليل الذي يأتي ليخبرنا أن الصباح آتٍ حتماً.
والأبيض ليس مجرد حياد، بل هو وعدٌ بالسلام يظل يشعُّ عبر الأجيال، وقسَمٌ على النقاء الذي يربطنا بمبادئ العدالة.
أما الأخضر، فهو لون الحياة المتجددة، الذي ينبض في قلب الأرض، ويشع في روح الإنسان، ويمثل الانتماء العميق إلى الجذور التي لا تذبل.
والأحمر، هو نبض العهد الذي لا يخبو، لون العزيمة الذي اشتعل في قلوب الأبطال الذين ساروا على درب الكرامة، حاملين أرواحهم من أجل أن يبقى الوطن شامخًا.
النجمة السباعية ليست مجرد رمز هندسي، بل هي منارة تهدي الأجيال وتدلهم على طريق الوحدة، الحرية، العدالة، الكرامة، التسامح، النبل، والإنسانية.
وأنا، ببساطتي، أكتب الحرف العربي خطاً وامارس الفن رسما ، وأرسم في داخلي عشقاً ولوناً، وأرى العلم كما أشعر به:
أراه حين يخفق في صدر طفل يرتدي حقيبته في أول يوم دراسي،
وأسمعه حين يهتف جمهورنا في المدرجات باسم الوطن،
وألمحه يرفرف في تفاصيل اللوحة، في ارتعاشة اللون، وفي شغف الريشة.
اليوم، ولأول مرة، أخرج عن الخط التحريري للموقع الإخباري الذي أكتب فيه.
العاطفة تتخطى كل الحواجز كي أكون حرًّا، وأُنجز ما يليق بوطنٍ يعجز الكلمات عن وصفه.
إنها لحظة شعرت فيها أنني بحاجة لأن أكتب بحرية، أن أتجاوز كل القيود، وأن أتحدث عن الوطن بكل ما فيّ من إحساس وفخر.
فالكتابة الحقيقية تأتي عندما يلتقي القلب بالعقل، ويصبح الإبداع حريتي الأولى.
في يوم العلم، لا نكتفي برفع الراية، بل نُجدّد العهد مع أنفسنا أن نظل أوفياء لها، نتحدث بصدق، نعيش دون مكاسب شخصية أو طموحات ربحية، بل بكل حب للوطن.
لنظل في عيوننا عالية، في أرواحنا نقية، وفي وجداننا صامدة.
نرفع علمنا اليوم، وفوقه تاريخ من المواقف المشرفة؛ من نصرة فلسطين إلى احتضان المظلوم، من رفض الانكسار إلى الوقوف مع الحقّ في كل زمان، فكان الأردن دائماً الصوت الذي لا يعلو عليه الباطل، والراية التي لا تنكس