
في المشهد الدبلوماسي التونسي، يبرز السفير الإندونيسي لدى تونس، زهير مصراوي، كشعلة من العطاء الثقافي والروحي، يجسد من خلال عمله جسراً حضارياً بين البلدين. يتميز مصراوي بخفة ظله، وحبه العميق للغة العربية، التي يتقنها بطلاقة، إضافة إلى اهتمامه الخاص بالتراث الفكري الإسلامي، وهو ما انعكس في أنشطته الدبلوماسية والثقافية في تونس.

علاقة خاصة بالثقافة التونسية
منذ وصوله إلى تونس، أبدى السفير زهير مصراوي إعجابه العميق بالتراث الفكري والعلمي التونسي، خصوصاً بفكر العلامة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور، أحد أبرز علماء تونس في العصر الحديث. لم يكن هذا الاهتمام مجرد موقف بروتوكولي، بل كان تعبيراً صادقاً عن تقديره لمساهمة الفكر التونسي في الحضارة الإسلامية.

في خطوة تعكس عمق هذا الارتباط، قام السفير بزيارة ضريح الشيخ بن عاشور في مقبرة الجلاز، حيث شارك في تنظيف الضريح ووضع الزهور عليه، وسط حضور عدد من الطلاب الإندونيسيين الذين يدرسون في تونس. وقد نشرت السفارة الإندونيسية في تونس عبر حسابها الرسمي على “فيسبوك” مقطع فيديو يوثق هذه اللحظة، مما أثار إعجاب العديد من المتابعين وأكد على البعد الروحي في نشاط السفير.

تعزيز المعرفة والفكر
لا يقتصر نشاط السفير زهير مصراوي على الجانب الرمزي، بل يتعداه إلى العمل الثقافي والفكري الملموس. فقد كتب في مدونته قائلاً: “الحمد لله، اليوم انتهينا من دراسة كتاب مقدمة ابن خلدون الذي نشرته وزارة التعليم الإندونيسية في تونس”، وهو تصريح يعكس حرصه على ترسيخ الفكر الإسلامي والعربي الكلاسيكي بين أفراد الجالية الإندونيسية في تونس.
إضافة إلى ذلك، يحرص مصراوي على المشاركة في الفعاليات الثقافية التي تحتفي بالتراث العربي والإسلامي، كما يسعى إلى خلق بيئة تعليمية تتيح للطلاب الإندونيسيين فرصة التفاعل مع الفكر التونسي والاستفادة منه.
السفير الإنسان والدبلوماسي
ما يميز زهير مصراوي ليس فقط كونه دبلوماسياً يمثل بلاده، بل أيضاً كونه إنساناً قريباً من مجتمعه، سواء من أبناء الجالية الإندونيسية أو من التونسيين الذين أصبح جزءاً من مشهدهم الثقافي. تواصله الدائم مع طلاب بلاده، ومشاركته لهم في أنشطة فكرية وروحية، يؤكدان على التزامه العميق بنقل القيم والمعرفة.
إن تجربة السفير زهير مصراوي في تونس تعكس نموذجاً فريداً للدبلوماسية الثقافية، حيث يتجاوز الدور التقليدي للسفير ليصبح حلقة وصل حقيقية بين الشعوب والثقافات. ومن خلال اهتمامه بالجانب الروحي والعلمي، يترك بصمة خاصة تعزز أواصر المحبة والتعاون بين إندونيسيا وتونس.
بسّام عوده. _ شؤون عربية