إقتصادالسعوديةالعالم العربي

السعودية وسوريا: إنقاذ لا ابتزاز… من يملك مشروعًا للسلام ؟

في عالم تتقاذفه الحسابات الضيقة والمصالح المبتذلة، تخرج المملكة العربية السعودية بموقف لا تكتنفه الضبابية، بل يرتكز على روح الانتماء العربي والإسلامي، حين تقرر ـ كما أفادت مصادر مطلعة ـ سداد ديون سوريا للبنك الدولي، تمهيدًا لتقديم منح بملايين الدولارات لإعادة إعمار بلد أنهكته الحرب وتكاد تجهز عليه الأزمات المتناسلة. ورغم أن الرياض لم تؤكد رسميًا هذه الخطوة، إلا أن الصدى الذي تركه هذا النبأ، كشف عن مدى التباين في المواقف، بين من يريد إنقاذ سوريا، ومن لا يزال يتاجر بخرابها.

ما يُطرح من تساؤلات حول ما “تريده” السعودية مقابل هذه الخطوة، لا يخرج عن كونه محاولة لتشويه أي مشروع عربي صادق، خاصة إذا ما صدر عن الرياض. المملكة التي سبق أن قدّمت، عبر مركز الملك سلمان للإغاثة، أكثر من 100 مليون دولار مساعدات إنسانية لسوريا، لم ترفع يومًا لافتة “نريد مقابلًا”، بل ظلت تنظر إلى سوريا كجزء لا يتجزأ من العمق العربي الذي يئنّ ويحتاج من يضمد جراحه، لا من يزيدها نزفًا.

السعودية، ومعها عدد من دول الخليج، تسعى لإعادة سوريا إلى محيطها الطبيعي، الحاضنة العربية والإسلامية، بعيدًا عن ارتهان القرار الوطني لمحاور خارجية زرعت الخراب وأبقت المنطقة رهينة الميليشيات والنزاعات. إيران التي قدمت السلاح والميليشيات وملأت الأرض السورية بالموت، لم يُسائلها أحد من أولئك الذين يسألون الآن: ماذا تريد السعودية؟

الفارق أن السعودية لا ترى في سوريا ساحة نفوذ، بل بلدًا عربيًا يجب أن يُستعاد، ويُعاد بناؤه، وتُعاد إليه الحياة. لا تسعى إلى انتصارات وهمية، بل إلى استقرار فعلي، يبدأ بإنقاذ القطاع العام السوري، ويمر عبر تحسين معيشة الناس، وينتهي بفتح باب الأمل نحو مستقبل أفضل.

ما يجري الآن هو اختبار حقيقي: من يملك مشروعًا للسلام، ومن لا يزال يحلم بإدارة الخراب؟ من يرى في سوريا بلدًا يجب دعمه، ومن لا يراها إلا ساحة صراع تخدم أجندته؟

السعودية ودول الخليج لا تتحدث عن بطولات وهمية، بل تقوم بمسؤولية تاريخية، وترى أن الواجب العربي والإسلامي يحتم عليها ألا تقف مكتوفة الأيدي أمام مأساة سوريا وشعبها

والمفارقة العجيبة، أنه كلما ساهمت السعودية ودول الخليج في مد يد العون، تعالت الأصوات بالتشكيك والتساؤل: لماذا؟ وما المقابل؟ وحين تتوقف هذه الدول عن الدعم، يُتهم الخليجيون بالتخلي والارتهان لتحالفات خارجية! هذا التناقض لا يعكس فقط قصر نظر البعض، بل يُثير الدهشة والحيرة في آن، وكأن المطلوب من السعودية أن تدفع وتُسهم وتتحمل، دون أن يُعترف لها بدور أو تُنسب لها نية الخير، حتى عندما يكون هدفها إنسانيًا بامتياز.

بسّام عوده شؤون عربية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
Skip to content