العالم العربيالكويتتونسثقافة وفنون

تصميم نصبين تذكاريين في تونس يحملان اسم الكويت: إبداع شبابي يعكس عمق العلاقات الثنائية

في ظل عالم تتشابك فيه الهويات وتتصارع فيه الروايات، يظل التبادل الثقافي والفني ضمانةً لتعزيز التفاهم بين الشعوب، وبناء جسور التواصل الإنساني الذي يتجاوز الحدود السياسية. وتُكرِّس دولة الكويت، انطلاقاً من رؤيتها التنموية ومسؤوليتها التاريخية، جهودها لدعم هذا التوجه عبر تبني مشاريع ثقافية تُبرز إرثها الحضاري، وتدعم المواهب الشابة، وتُعمِّق الشراكة مع الدول الشقيقة. وفي هذا الإطار، جاءت مبادرة إنشاء نصبين تذكاريين في تونس كتتويج لتعاون ثقافي طويل، وكتعبير عن إيمان الكويت بدور الفنون في صياغة ذاكرة مشتركة بين الأمم.  

عمارة تحمل رسالة  تقارب الشعوب 

بتنسيق بين الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية وجامعة الكويت، نجحت طالبتان من كلية العمارة في تصميم نصبين تذكاريين سيُقامان في تونس، كهدية رمزية من الكويت تُجسِّد عمق العلاقات الأخوية بين البلدين. وجاءت هذه الخطوة ضمن استراتيجية كويتية طويلة الأمد لتعزيز الحضور الثقافي العربي عبر مشاريع إبداعية تدمج بين الأصالة والحداثة.  

وأكدت ضحوك البنوان ، المسؤولة عن المشروع من الصندوق الكويتي للتنمية أن اختيار الموقعين لم يكن اعتباطياً: فالنصب الأول سينتصب في العاصمة تونس كبوابة ثقافية تستقبل الزوار، بينما يُنشأ الثاني في مدينة كركوان الأثرية (شرق تونس)، التي تُعدُّ من أقدم المواقع الفينيقية في البحر المتوسط، ليربط بين الحضارة العربية الإسلامية والإرث الإنساني العريق.  

شباب كويتي يصنع التاريخ

وأوضحت البنوان وهي ايضا كبير اختصاصي تنسيق و متابعة بأن الصندوق حرص على اعتماد تصاميم الطلبة الكويتيين من كلية العمارة، إيمانًا بقدراتهم الإبداعية، ولإتاحة الفرصة أمامهم للمشاركة في مشاريع واقعية تُثري تجربتهم الأكاديمية والمهنية. وأضافت أن هذه المبادرة تعد محطة بارزة في مسيرة الطالبتين المعماربه نورا البابطين و المعماريه جنا العبدالجادر ، حيث ستساهم في تعزيز مهاراتهن العملية وتمكينهن من تحويل أفكارهن إلى تصاميم ملموسة تعكس هوية الكويت الثقافية والمعمارية.

كما شددت على أن الصندوق يثق في موهبة الشباب الكويتي وقدرتهم على الإبداع والابتكار، مؤكدة أن هذه المشاريع تفتح آفاقًا واسعة لهم في سوق العمل، وتوفر لهم فرصًا عملية لاكتساب الخبرة وتعزيز مكانتهم في مجال الهندسة المعمارية والتصميم.

لم يكن تصميم النصبين مجرد مشروع أكاديمي، بل تحول إلى منصة لإثبات قدرة الشباب الكويتي على المنافسة العالمية. فقد فازت تصاميم الطالبتين بمسابقة معمارية  ، وذلك لالتقاطها جوهر العلاقة الكويتية التونسية عبر رموز فنية تعكس:  التناغم بين التراث والابتكار عبر استخدام تقنيات حديثة مستوحاة من العمارة العربية الإسلامية.  

-الحوار الثقافي من خلال دمج عناصر معمارية من البيئتَين الكويتية (كالنقوش البحرية) والتونسية (كالفسيفساء الرومانية). —

الكويت: راعي المعرفة منذ عقود

أشارت البنوان إلى أن الصندوق الكويتي للتنمية، ومنذ تأسيسه عام 1961، دعم مئات المشاريع التعليمية والثقافية كجزء من رسالة الكويت لكونها “قلب الإنسانية النابض”، وأضافت: «هذه المبادرة استثمار في العقول الشابة، وليست مجرد منح مالية. فالكويت تؤمن بأن الثقافة سلاحٌ لمواجهة الخروج عن المألوف ، والفنون لغةٌ عالميةٌ للسلام والمعرفة . 

بدوره، أشار الدكتور محمد العجمي أستاذ العمارة في جامعة الكويت، إلى أن المشروع يُمثِّل نقلةً في التعليم التطبيقي: «الطلبة لم يعودوا يتعلمون داخل القاعات فقط، بل يصنعون مشاريعَ تخلِّد اسم بلدهم».—

رغم الدور الكويتي البارز في دعم الاقتصاد التونسي عبر قروض الصندوق التنموي، إلا أن النصبين التذكاريين يأتيان كتذكير بأن «الاستثمار في الثقافة يدوم طويلاً»، وفقاً لخبراء العلاقات الدولية. فالمعالم المعمارية تتحول إلى رموزٍ تروي قصص التعاون للأجيال القادمة، بينما تذوب الأرقام الاقتصادية في طيّات النسيان.  —

الكويت تكتب تاريخاً جديداًمن متاحف العالم الإسلامي في الكويت إلى أبنية الجامعات في أفريقيا، ومن مخطوطات تُرمَّم في آسيا إلى نصب تذكاري في تونس، تواصل الكويت كتابة سفرها الحضاري بخطٍّ ثقافي فريد. هذه المبادرة ليست مجرد حجَرَيْن في موقعين أثريين، بل إعلانٌ بأن العمارة ليست هندسةً للفضاء فقط، بل هندسةٌ للروح الإنسانية المشتركة. 

بسّام عودة – شؤون عربية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
Skip to content