كتب : بسّام عودة. _ شؤون عربية
شهدت العاصمة السورية دمشق حراكًا دبلوماسيًا مكثفًا في أعقاب سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، حيث توافدت وفود من دول عدة، أبرزها تركيا والسعودية ولبنان والأردن وقطر، للقاء القيادة الجديدة بقيادة أحمد الشرع (المعروف سابقًا بأبي محمد الجولاني).
في المقابل، لوحظ غياب التحرك المصري المباشر نحو دمشق، مما أثار تساؤلات حول موقف القاهرة من التطورات السورية. تاريخيًا، عُرفت الدبلوماسية المصرية بالتأني والحذر، خاصة في القضايا الإقليمية الحساسة. وفي هذا السياق، أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانًا أكدت فيه متابعتها الدقيقة للتطورات في سوريا، ودعت إلى تبني عملية سياسية شاملة دون إملاءات خارجية، بما يضمن وحدة وسيادة الأراضي السورية.
يُعزى هذا الموقف المصري إلى عدة اعتبارات:
التحفظ على القيادة الجديدة: تولي أحمد الشرع (الجولاني) السلطة في سوريا يثير مخاوف نظرًا لتاريخه السابق كقائد لهيئة تحرير الشام، المصنفة كمنظمة إرهابية في العديد من الدول. هذا التحول السريع في المشهد السوري يدفع القاهرة إلى التريث قبل اتخاذ أي خطوات دبلوماسية.
الحفاظ على الأمن القومي: تخشى مصر من تداعيات محتملة على أمنها القومي، خاصة مع إمكانية حصول عناصر من القيادة السورية الجديدة على جوازات سفر سورية، من جنسيات مختلفة مما قد يسهل تنقلهم إلى دول أخرى، بما في ذلك مصر.
التجربة المصرية في مكافحة الإرهاب
: بعد سنوات من محاربة الإرهاب، تدرك مصر مخاطر التعامل مع كيانات ذات خلفيات متطرفة، مما يجعلها أكثر حذرًا في التعاطي مع الوضع السوري الراهن.
المخاوف من التدخلات الإقليمية: التدخلات المحتملة من قبل دول إقليمية مثل إيران وتركيا في الشأن السوري تزيد من تعقيد الموقف، مما يدفع مصر إلى التريث لتقييم النوايا الحقيقية لهذه الأطراف.
في ضوء هذه الاعتبارات، يبدو أن الموقف المصري يستند إلى استراتيجية الانتظار والترقب، بهدف ضمان اتخاذ قرارات دبلوماسية مدروسة تتماشى مع مصالحها الوطنية والإقليمية، وتجنب الانخراط في تحركات قد تكون لها تداعيات غير محسوبة على استقرار المنطقة.