
في قصرٍ مهيب، حيث تتقاطع أعباء الحكم مع مسؤوليات الدولة، وحيث تترصد العيون الساهرة كل حركة، كان هناك فضاء يحتضن لحظات من الحب الخالص والعفوية النقية، لحظات تتلاشى فيها كل الفوارق بين الملك والإنسان، بين القائد والأب.
وسط أروقة القصر، كانت الأميرة إيمان الحسين، الصغيرة الجميلة، تملأ المكان بحيويتها وطفولتها العفوية. حفيدة الملك عبد الله الثاني لم تكن تدرك شيئًا عن ثقل الحكم ولا عن تعقيداته، كل ما كانت تعرفه هو أن جدها هو عالمها الآمن، حيث تجد الحب والدفء بلا قيد أو شرط.
في عمّان، بين جبالها الشامخة، جلست الأميرة إيمان في حضن جدها، تمسح بيديها الصغيرتين وجهه الذي اعتادت ملامحه على حمل هموم الوطن، وتنظر إليه بعينيها الواسعتين المليئتين بالبراءة والحب. وفي تلك اللحظة، التي بدت وكأن الزمن توقف عندها، أدرك الملك أن هناك أشياء لا تستطيع السياسة أن تمنحها، وأنه بين القرارات المصيرية والمفاوضات المعقدة، تكمن لحظات بسيطة لكنها أثمن من كل شيء.
كان صوت ضحكتها يتردد في أرجاء القصر، كنسمة منعشة وسط أجواء مشحونة بالمسؤوليات. كانت تمسح عن جبينه آثار الإرهاق، وكأنها تخبره أن في الحياة ما هو أثمن من السلطة، وما هو أهم من الحكم: العائلة، الحب، واللحظات التي تبقى في الذاكرة إلى الأبد.
في ذلك القصر الكبير، حيث تسود الدبلوماسية وتحكم البروتوكولات، كانت إيمان هي الوحيدة التي تستطيع أن تقتحم قلب الملك بلا إذن، أن تنتزع منه ابتسامة صافية لا تصنعها الكاميرات، وأن تمنحه سعادة لا تُكتب في الخطابات الرسمية.
وهكذا، في عالم يمتلئ بالتحديات والقرارات، كانت هناك لحظات تثبت أن الإنسان، مهما بلغ من القوة والسلطة، يظل في حاجة إلى لمسة حب، إلى ضحكة صادقة، وإلى يد صغيرة تمتد نحوه لتخبره بأن الدفء العائلي هو الملاذ الحقيقي.
بسّام عياصره _ شؤون عربية