
في عالمنا المعاصر، لا شك أن الشخصيات المؤثرة التي تسطر صفحات خالدة لخدمة الدين والإنسانية، تحتاج إلى تأمل عميق لكي نتصور سعة هذا العلم المنجز وأثره العميق. إن هؤلاء الأفراد الذين يجسدون التفاني في خدمة المعرفة والحفاظ على تراث الأمة الإسلامية يتركون بصمات لا تُمحى في مسيرة التاريخ. من بين هؤلاء الأعلام البارزين، يأتي الأستاذ سامي المغلوث، الذي لم يقتصر دوره على كونه مؤرخاً فذاً بل هو أيضاً حامل راية العلم والدين، وها هو قد أصبح مرجعاً مهماً في توثيق التاريخ الإسلامي بمختلف أبعاده، ليترك أثراً بارزاً يعزز الوعي بتاريخ الأمة وحضارتها

الأستاذ سامي المغلوث هو شخصية سعودية بارزة في مجال توثيق التاريخ الإسلامي، وُلد في الأحساء بالمملكة العربية السعودية، وهي المدينة التي تزخر بتراثها العريق والمشهود. وقد تم تكريمه مؤخراً تقديراً لجهوده الاستثنائية وإسهاماته الكبيرة في توثيق التاريخ الإسلامي، حيث أصبح اسمه مرادفاً للجودة والابتكار في مجال الأطالس التاريخية والجغرافية.
مبررات منح الجائزة للأستاذ سامي المغلوث

حظي الأستاذ سامي المغلوث بالجائزة تقديراً لعمله الرائد والمتميز في توثيق التاريخ الإسلامي من خلال مجموعة واسعة من الأطالس التاريخية والجغرافية التي شملت مجالات متنوعة، مما أسهم بشكل ملحوظ في تعزيز المعرفة العلمية والفكرية حول الحضارة الإسلامية. تميزت مؤلفاته بتنوعها وشمولها، حيث تناولت جوانب عديدة من التاريخ الإسلامي، بداية من سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وصولاً إلى الفتوحات الإسلامية، والأديان، والآثار، والتاريخ الديني، مما جعل أعماله مرجعية هامة للباحثين وطلاب العلم.
من أبرز أعماله، أطلس سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي قدم فيه توثيقاً مفصلاً لحياة النبي الكريم، مما أتاح للقراء فهماً معمقاً وموثقاً لدوره الكبير في نشر رسالة الإسلام. كما أن أطلس “تاريخ الأنبياء والرسل” كان إضافة قيمة للأدبيات الإسلامية، حيث تناول حياة الأنبياء كما وردت في القرآن الكريم.

لم تقتصر إنجازات المغلوث على هذه المجالات، بل شملت كذلك أطلس الفتوحات الإسلامية الذي يوثق لمراحل التوسع الإسلامي الكبير، وأطلس الأديان والأماكن في القرآن الكريم، الذي يعرض دراسة جغرافية دينية للأماكن التي وردت في الكتاب المقدس. إضافة إلى ذلك، قدم أطلساً موسوعياً عن الفرق والمذاهب الإسلامية عبر العصور، ليكشف عن تنوع الفكر الإسلامي وثراءه.
البلاغة وفصاحة اللسان

لم يكن الأستاذ سامي المغلوث مجرد مؤرخ، بل كان متحدثاً بليغاً، حيث يمتاز بلسان فصيح وببلاغة مميزة تشبه بلاغة القرآن الكريم. يتحدث بطريقة مفعمة بالحكمة والرؤى العميقة، متمسكاً بأدب الحديث واللغة العربية الفصحى، مما يعكس فهماً عميقاً لأدب وعلم الأمة الإسلامية. وقلبه معطر بسنة النبي الأمين صلى الله عليه وسلم، فهو لا يقتصر على دراسات تاريخية بل يعي جيداً أهمية الاقتداء بتعاليم النبي الكريم في جميع جوانب حياته.

إنجازات غير مسبوقة في التنوع والشمول
تجاوز عدد الأطالس التي ألفها الأستاذ سامي المغلوث أكثر من 40 أطلساً، تناولت مواضيع عدة في التاريخ الإسلامي، ليصبح بذلك رائداً في هذا المجال. أعماله لا تقتصر على جوانب تاريخية فقط، بل تمتد لتشمل شمولية معرفية تضم جميع العصور الإسلامية والشخصيات البارزة فيها. ولعل أبرز ما يميز عمله هو سعيه المستمر للحفاظ على الذاكرة الإسلامية عبر الزمن والمكان.
ترجمة أعماله إلى لغات عالمية
إحدى السمات البارزة في عمل المغلوث هي ترجمته لعدد من مؤلفاته إلى عدة لغات عالمية، بالإضافة إلى لغات المجتمعات الإسلامية. هذا التوسع الكبير في ترجمة أعماله كان له دور كبير في نشر المعرفة الإسلامية في جميع أنحاء العالم، مما يبرز تأثيره على مستوى عالمي في مجال الدراسات التاريخية والجغرافية.
الأستاذ سامي المغلوث هو شخصية علمية استثنائية ومؤرخ بارع، قدم إسهامات لا تقدر بثمن في توثيق التاريخ الإسلامي وتطوير الأدبيات التاريخية والجغرافية. تمتاز أعماله بالشمول والتنوع، ويمثل نموذجاً للباحث المتخصص الذي يجمع بين العلم والبلاغة، والعقل والروح، في خدمة العلم والحفاظ على تاريخ الأمة الإسلامية

بسّام بني أحمد ( عوده ) شؤون عربية