الدبلوماسيةالعالمالعالم العربي

الأردن بين الرفض القاطع للتهجير والسعي لحل إنساني لأزمة غزة

أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني كان واضحًا وحاسمًا خلال لقائه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض بشأن رفض أي مخطط يهدف إلى تهجير الفلسطينيين، مشددًا على إمكانية إعادة إعمار غزة دون الحاجة إلى ترحيل سكانها. وأوضح الصفدي، خلال مقابلة بثتها قناة المملكة، أن الرسالة التي نقلها الملك عبد الله ركزت على ضرورة تحقيق السلام العادل والشامل، مضيفًا أن الرئيس الأمريكي أبدى تجاوبًا إيجابيًا مع الطروحات الأردنية، واستمع إلى الأفكار التي قدمها العاهل الأردني، والتي تستند إلى مبدأ ثابت لم ولن يتغير، وهو ضرورة إعادة إعمار غزة مع الحفاظ على حق الفلسطينيين في البقاء في أرضهم.

وشدد الصفدي على أن موقف الأردن من التهجير واضح وراسخ ولا يقبل الجدل، وهو ما أكده الملك عبد الله بقوله إن الأردن لن يكون وطنًا لغير الأردنيين. وأوضح أن الرئيس الأمريكي عرض فكرته، إلا أن الجانب الأردني أكد امتلاكه تصورات أخرى يراها أكثر واقعية وقابلية للحل، مع استمرار الحوار بين الطرفين. كما أشار إلى أن الأردن يعمل بالتنسيق مع مصر على تقديم خطة عربية متكاملة، تعكس موقفًا موحدًا للدول العربية تجاه هذه القضية الحساسة.

وفيما يتعلق بالجانب الإنساني للوضع في غزة، قال الصفدي إن الرئيس الأمريكي أبدى اهتمامًا بإعادة إعمار القطاع من منطلق إنساني، إلا أن الأردن أكد إمكانية التعامل مع هذه الأزمة دون اللجوء إلى تهجير الفلسطينيين. وأضاف أن الأردن نجح في الحصول على دعم أمريكي لجهوده المستمرة في تقديم المساعدات الطبية للمرضى الفلسطينيين، حيث استقبلت المملكة العديد من الحالات الحرجة من غزة لتلقي العلاج في مستشفياتها، رغم التحديات التي واجهتها عملية إخراج المرضى من القطاع. وأوضح أن الملك عبد الله تحدث عن أهمية تسهيل نقل المرضى، مشيرًا إلى وجود حوالي ألفي فلسطيني بحاجة ماسة إلى العلاج خارج غزة، وهو ما تسعى الأردن إلى تحقيقه بالتنسيق مع دول أخرى.

من جانبه، كشف العاهل الأردني تفاصيل مباحثاته مع الرئيس الأمريكي، موضحًا عبر حسابه على منصة إكس أنه عقد مباحثات بناءة مع ترامب تناولت الشراكة الاستراتيجية بين الأردن والولايات المتحدة، وأهميتها في تحقيق الاستقرار الإقليمي. وأكد أن مصلحة الأردن واستقراره وحماية شعبه تأتي على رأس أولوياته، مشددًا على رفض بلاده القاطع لأي مخطط يهدف إلى تهجير الفلسطينيين سواء من غزة أو الضفة الغربية، وهو موقف يعكس الإجماع العربي حول هذه القضية. وأكد أن الأولوية في الوقت الحالي يجب أن تكون إعادة إعمار غزة دون تهجير أهلها، مع ضرورة التعامل مع الأزمة الإنسانية في القطاع بشكل فوري.

وأشار الملك عبد الله إلى أن تحقيق الاستقرار في المنطقة لا يمكن أن يتم إلا من خلال سلام عادل مبني على حل الدولتين، وهو ما يستلزم دورًا قياديًا من الولايات المتحدة. وأشاد بدور الرئيس الأمريكي في التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، معربًا عن تطلعه إلى استمرار الجهود الدولية لتعزيز هذا الاتفاق. كما شدد على أهمية اتخاذ خطوات لمنع التصعيد في الضفة الغربية، محذرًا من تداعيات خطيرة قد تؤثر على استقرار المنطقة بأكملها.

في المقابل، أدلى الرئيس الأمريكي بتصريحات أثارت الجدل، حيث قال للصحفيين إنه لا يرى بديلًا أمام الفلسطينيين سوى مغادرة غزة، مشيرًا إلى أن هناك أراضي في الأردن ومصر وأماكن أخرى يمكن أن تكون وجهة للفلسطينيين بعد انتهاء المفاوضات. وأضاف أنه يعتقد أن غالبية سكان غزة سيرحلون إذا أتيحت لهم الفرصة، مؤكدًا أن نسبة قليلة فقط ستختار البقاء.

ورغم هذه الطروحات، أعلن الملك عبد الله أن الأردن سيتحمل مسؤولياته الإنسانية تجاه سكان غزة، حيث قررت المملكة استقبال 2000 طفل فلسطيني يعانون من أمراض خطيرة، من بينهم مرضى السرطان، لتلقي العلاج في مستشفياتها بأسرع وقت ممكن، وهو ما لقي استحسانًا من الرئيس الأمريكي، الذي وصف الخطوة بأنها رائعة. وفيما يتعلق بخطة ترامب حول غزة، أوضح العاهل الأردني أن الدول العربية ستقدم ردًا موحدًا على المقترح الأمريكي، مشيرًا إلى نيته التشاور مع السعودية في هذا الشأن، وأكد ضرورة إيجاد حل يخدم جميع الأطراف، بانتظار الخطة التي تعدها مصر حاليًا بشأن مستقبل غزة.

بسّام عوده   شؤون عربية 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
Skip to content