
كتب : بسّام عوده
يُعد المسجد الحرام قبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم، حيث يجتمع الملايين من المعتمرين والحجاج في رحابه طلبًا للأجر والمغفرة. ومع تزايد أعداد الزوار، التي وصلت ملايين ، وضعت الجهات المعنية في المملكة العربية السعودية تنظيمات دقيقة للحفاظ على انسيابية الحركة وضمان أداء الشعائر بيسر وسهولة. إلا أن البعض قد يتجاوز هذه الأنظمة، سواء بحسن نية أو بسلوك غير مسؤول، مما يؤدي إلى إرباك النظام وإلحاق الضرر بالآخرين.

انتشر مؤخرًا مقطع فيديو لمعتمر لم يُسمح له بالدخول إلى المطاف بعد إتمامه مناسك العمرة، نظرًا لأن الأولوية مُنحت للمعتمرين الجدد، لكنه لجأ إلى ارتداء الإحرام مجددًا ليتمكن من الدخول، وهو تصرف أثار جدلًا واسعًا، حيث اعتبره البعض مخالفة صريحة للأنظمة، بينما رأى آخرون أنه تصرف لا يليق بحرمة المكان وقدسيته .
من المهم أن يدرك المسلم أن احترام النظام في الأماكن المقدسة ليس مجرد التزام إداري، بل هو سلوك يعكس قيم الإسلام في الطاعة والانضباط واحترام حقوق الآخرين. فكما أمرنا الإسلام بأداء الشعائر، أمرنا أيضًا بعدم التعدي على حقوق إخواننا المسلمين، خاصة في الأماكن التي يزداد فيها الازدحام، مثل المسجد الحرام.

إن التنظيمات التي تضعها الجهات المشرفة تهدف إلى التيسير على الجميع، وليس التضييق عليهم، وهي مستمدة من مبادئ الشريعة التي تقوم على تحقيق المصلحة العامة ومنع المشقة. لذا، من الواجب على كل مسلم أن يلتزم بها طواعية، وأن يتحلى بروح التعاون والمسؤولية، بدلًا من اللجوء إلى التحايل أو تجاوز القوانين التي وُضعت لضمان سلامة الجميع.
وفي هذا السياق، لا بد من التذكير بأن تصرفات الفرد تعكس صورة المجتمع الإسلامي ككل، لذا فإن التحلي بالأخلاق الكريمة في بيت الله الحرام هو من تمام العبادة. فالصيام والعمرة لا يقتصران على أداء الشعائر الظاهرة، بل يشملان أيضًا التزام القيم الإسلامية في السلوك، مثل الصدق، والنزاهة، واحترام النظام، وهو ما يجب أن يكون جزءًا من وعي كل مسلم.
إن الالتزام بالتعليمات في الأماكن المقدسة يعكس الوعي الديني والأخلاقي، ويسهم في تسهيل أداء الشعائر لجميع المسلمين. ومن الضروري أن يحرص كل معتمر وزائر للمسجد الحرام على الالتزام بالنظام، وأن يدرك أن احترام التعليمات هو جزء لا يتجزأ من احترام قدسية المكان وتعظيم شعائره.