كتب : بسّام عياصرة
في خضم الصراع المستمر في الشرق الأوسط، تبرز إيران كواحدة من أكثر القوى الإقليمية إثارة للجدل. فبينما تصر طهران على دعمها العلني للقضية الفلسطينية ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي، يكشف وزير الإعلام الأردني الأسبق سميح المعايطة عن تناقضات في هذه السياسات، مشيراً إلى أن إيران لم تتحرك ضد إسرائيل خلال حرب غزة الأخيرة إلا بعد استهداف قنصليتها في دمشق. وفي حوار مع قناة العربية، شارك فيه دبلوماسي إيراني سابق، أكد المعايطة أن الصراع الحقيقي بين إيران وإسرائيل لا يدور حول المبادئ بقدر ما هو صراع على النفوذ الإقليمي، مشككاً في جدية التهديدات الإيرانية وأهدافها.
تتسم العلاقات بين إيران وإسرائيل بتعقيدات متعددة الأوجه، حيث تختلط الشعارات الثورية بالمصالح الاستراتيجية. تصريحات سميح المعايطة تسلط الضوء على التناقض الظاهر في السياسة الإيرانية، التي تُبقي على خطابها التصعيدي ضد إسرائيل بينما تلتزم بالهدوء على الأرض في لحظات الحسم. يبدو أن إيران تتجنب أي مواجهة مباشرة مع إسرائيل، رغم ما تعلنه من تهديدات متكررة، مما يثير تساؤلات حول مدى التزامها الحقيقي بقضية تحرير فلسطين مثلما هو شائع .
الأردن، من جهته، يدافع عن سيادته الوطنية ويرفض السماح باستخدام أراضيه وأجوائه في أي صراع قد يهدد أمنه. كما يشير المعايطة بوضوح إلى أن إيران، إذا كانت جادة في تحرير فلسطين، فلديها الفرصة من خلال حدودها مع إسرائيل عبر سوريا ولبنان. في ضوء هذه التناقضات، يمكن القول إن إيران تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة على حساب الشعارات الكبرى، ما يضعف مصداقية مواقفها ويجعلها عرضة للنقد من قِبل الأطراف العربية التي ترى في ذلك ازدواجية واضحة.
من خلال تصريحات سميح المعايطة وتحليل الموقف الإيراني في الصراع مع إسرائيل، يمكن ندرك أن إيران تعتمد بشكل كبير على الخطاب السياسي كوسيلة لإظهار نفسها كمدافع عن القضايا الإسلامية، وخاصة القضية الفلسطينية. ومع ذلك، فإن الواقع على الأرض يشير بوضوح عن أولويات مختلفة تتعلق بالمصالح الاستراتيجية والحفاظ على النفوذ الإقليمي.
التهديدات الإيرانية المتكررة بالرد على الاعتداءات الإسرائيلية، والتي لم تُترجم إلى أفعال ملموسة حتى بعد اغتيال شخصيات بارزة مثل إسماعيل هنية على أراضيها، اضعفت مصداقية طهران في أعين العالم العربي والإسلامي. إيران تسعى لتجنب أي تصعيد مباشر مع إسرائيل، رغم كل الشعارات، مما يشير إلى أن حسابات طهران أكثر تعقيداً وترتبط بمصالحها الإقليمية أكثر من الالتزام بمبادئ الصراع مع إسرائيل.
من جهة أخرى، يعكس موقف الأردن، كما أوضحه المعايطة، سياسة متوازنة وواعية تجاه هذا الصراع. الأردن يؤكد على سيادته ويرفض أن يكون ساحة لأي نزاع إقليمي يمكن أن يهدد أمنه واستقراره. وتظهر تصريحات المعايطة
في النهاية، هذا التناقض بين الخطاب الإيراني والواقع العملي يعزز فكرة أن طهران تستخدم القضية الفلسطينية كأداة لتحقيق مصالحها الإقليمية، بدلاً من العمل بجدية نحو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي. وبوضوح نرى الحاجة إلى سياسات واقعية تأخذ بعين الاعتبار التحديات الإقليمية الحقيقية بدلاً من الاعتماد على الشعارات.
وفي تعليقه على دعم الأردن للفلسطينيين، أكد سميح المعايطة أن موقف الأردن تجاه القضية الفلسطينية ودعمه المستمر للأشقاء في الأراضي المحتلة وقطاع غزة هو موقف ثابت ومبدئي. وأشار إلى أن هذا الدعم لم يكن مجرد كلمات، بل تُرجم إلى أفعال ملموسة على أرض الواقع. يظل الأردن ملتزماً بتقديم كل ما يمكنه من دعم سياسي وإنساني للفلسطينيين، مع الحفاظ على سيادته ومصالحه الوطنية. هذا الالتزام يأتي في سياق سعي المملكة إلى حماية أمنها واستقرارها، بينما تعمل بجد لدعم حقوق الشعب الفلسطيني في مواجهة التحديات المستمرة.