
بسّام عودة _ شؤون عربية
تواجه إيران اليوم سلسلة من الانتكاسات الإقليمية التي أضعفت نفوذها بشكل غير مسبوق في منطقة الشرق الأوسط. من سوريا إلى لبنان، وبعد اليمن عن المنطقة ، تتوالى التحولات السياسية والميدانية التي تقلص مساحة تأثير طهران، وتعيد رسم ملامح المشهد الإقليمي بعيدًا عن مشروعها التوسعي.
منذ اندلاع الأزمة السورية، اعتبرت إيران دعم نظام بشار الأسد استثمارًا استراتيجيًا يضمن لها نفوذًا واسعًا في المنطقة. غير أن انهيار نظام الأسد، وتولي قادة الثورة السورية المدعومين عربيًا إدارة البلاد، شكل ضربة قاصمة لطموحات إيران.
فقدت طهران عبر سقوط النظام السوري أهم ممر جغرافي يربطها بحزب الله في لبنان، ويدعم تموضعها العسكري والسياسي في شرق المتوسط. كما أن هذا الانهيار أفرغ استثمارات إيران الهائلة، سواء العسكرية أو الاقتصادية، من أي جدوى، تاركًا مشروعها الإقليمي في حالة تراجع ملحوظ.
في لبنان، يمثل حزب الله الركيزة الأساسية لنفوذ إيران، لكن دوره بدأ يتقلص في ظل تصاعد الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد. تصفية عدد من قادة الحزب خلال المواجهات الأخيرة في جنوب لبنان، إلى جانب الضغوط الدولية المتزايدة عليه، جعلت الحزب يواجه تحديات غير مسبوقة.
تراجع حزب الله لا يهدد فقط نفوذ إيران في لبنان، بل يعكس أيضًا تآكل قوتها الإقليمية، لا سيما بعد انتخاب رئيس جمهورية يحظى بتأييد سعودي وعربي ، مع تزايد الانتقادات الداخلية للحزب ودوره في تفاقم الأزمات اللبنانية. وتعين رئيس حكومة خارج الدائرة التقليدية ، خبرته في القضاء الدولي ستفتح باب التحقيق في تفجير مرفأ بيروت .
تعكس هذه التطورات تراجع مشروع إيران الإقليمي، الذي كان يقوم على فكرة “الهلال الشيعي” لربط طهران ببيروت عبر العراق وسوريا. اليوم، تواجه طهران واقعًا جديدًا يعيد تشكيل خارطة النفوذ الإقليمي، في ظل صعود محور عربي يركز على تحقيق الاستقرار والتوازن بعيدًا عن التدخلات الخارجية.
مستقبل غامض لإيران في المنطقة
بين تراجع نفوذها الإقليمي وتصاعد التحديات الاقتصادية الداخلية، تجد إيران نفسها في موقف دفاعي غير مسبوق. خسائرها في سوريا ولبنان واليمن، والتغيرات في غزة، أضعفت قدرتها على التأثير في ملفات المنطقة، ودفعت بمشروعها الإقليمي نحو طريق مسدود.
الشرق الأوسط يدخل اليوم مرحلة جديدة، عنوانها إعادة التوازن بقيادة عربية فاعلة. إيران، التي طالما سعت لفرض هيمنتها الإقليمية، تواجه حقبة من العزلة والتراجع، ما يجعلها الخاسر الأكبر في المعادلة الإقليمية الجديدة.
وبعد وقف إطلاق النار في غزة قد تغامر إسرائيل بضرب المفاعل النووي الإيراني، وقدوم ترامب في هذة المرحلة ، تُعزى صعوبة فهم سياسات ترامب إلى نهجه غير التقليدي وتركيزه على المصالح الآنية دون اعتبار كافٍ للتداعيات طويلة المدى. هذا النهج يُعقّد من إمكانية التنبؤ بتصرفاته ويُثير تساؤلات حول مستقبل الدور الأمريكي على الساحة الدولية.